Shahidanin Tsana
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Nau'ikan
قال: أنت واهم يا ابن العم، ومنذ الآن لا تفارقنا.
فخفض كوندة رأسه، ونظر إلى وجه الدوق فرأى فيه شيئا من السخر، وقال في نفسه: لعل الملك وعميه عارفون بقدومي الساعة من باريس.
وانثنى الملك إلى فرنسوا دي جيز، وقال له: مر بالتأهب للسفر، فصاح كوندة: أنرتحل عن بلوا!
أجاب: نعم يا ابن العم، فهل في ذلك ما يحبط مقاصدك؟ إنا مسافرون في هذا المساء. - إلى أين؟ - لست أدري حتى الآن يا ابن عمي أي جهة نقصد، ولكن سوف تصحبنا فترى، ومضى الملك وهو محتدم حانق.
الفصل السابع
في أمبواز
وفي اليوم التالي كان بلاط الملك في أمبواز، وقد جهل رجال الحاشية ووصائف الشرف والملكتان السبب الذي من أجله ارتحلوا عن بلوا، وأراد آل جيز والملك أن يفتضح المتآمرون، أما أمير كوندة فلم يكن الكلام في هذا الشأن من مصلحته، وأما المحامي أفنيل، فلم يكن يجسر على الخروج من المخدع الذي اختص به.
فلما كان يوم 10 مارس (آذار) شعر القوم بحركة أو حادثة خطيرة، إلا أنه لم يتبين لأحد ما هي.
أما المتآمرون، فكانوا يأتون عصابات تؤلف كل منها من خمسمائة رجل إلى ستمائة. يتوافدون من البرية مختبئين في الغابات والقصور والفنادق، وهي عصابات غريبة؛ لأنها مؤلفة من جنود، وعامة ومقاتلين وبروتستانتيين وقرويين، جاء أكثرهم في الموعد المضروب مغمضي الأعين، حاسبين أنهم إنما أتوا ليقدموا ملتمسا إلى الملك، والرؤساء وحدهم كانوا يعلمون أن القصد من ذلك المسعى قهر الدوق دي جيز، وهؤلاء لم يروا إلا التظاهر بغرض صالح. أما لارنودي فكان حاضرا في كل مكان يرى في الطرق والفنادق، وفي مقدمة كل عصابة ناقلا إلى الرؤساء أوامره الأخيرة. إلا أنه كان قلقا؛ لأنه لم يتلق نبأ من أمير كوندة، ومع ذلك فقد حسب أن الحذر قضى على الأمير بالسكوت، وألا بد أن يلقاه وقت دخول المدينة مستعدا لتولي رئاسة المتآمرين، ولقد أخل بخطته انتقال الملك ورجاله من بلوا إلى أمبواز، إلا أنه تحاشى الخلل بسرعة.
ففي مساء يوم 9 مارس (آذار) لم يكد يدخل الفندق الذي اتخذه مقاما متوسطا حتى التف بردائه، واضطجع قرب الموقدة، ويده على قبضة سيفه والأخرى على غدارته . فنام ساعات ولم يستيقظ إلا عندما أطفأ صاحب الفندق أنواره استعدادا لإغلاقه. وإذ ذاك أبصر لارنودي في زاوية من مخدعه عينين محدقتين فيه، فقال في نفسه: لقد وقع بصري قبلا على هاتين العينين.
Shafi da ba'a sani ba