Shahidanin Tsana
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Nau'ikan
وهنا توقف نيكول لحظة، وكأنما خطر له خاطر مفاجئ، فقال: لو أن عمي ماروك ترك لي بيتا في باريس بدلا من هذا الفندق الحقير الذي غادره في نانت، إذن لكنت ...
إلا أنه لم يتم جملته، بل قال: ماذا الذي يمنعني من الرحيل إلى باريس؟ أبيع فندقي هذا وأسافر إليها.
الفصل الثالث
مكتبة لوم
كان «مخزن يعقوب لوم» عبارة عن مكتبة كبيرة عامرة بالمؤلفات الشعرية والفلسفية والأدبية ، يتردد إليها رجال البلاط، فيطلبون منها مؤلفات كليمان ماروت ورونزار في الموسيقى، ومؤلفات رابليه وإتيان دولي في الفلسفة، وغيرها من الكتب التي كانت متداولة في ذلك العهد، والمكتبة ليست بعيدة عن الكنيسة الكبرى، لها باب فخم، وقد نضدت في إحدى شرفاتها الكتب النفيسة تنضيدا محكما يرى منه المارة أسماءها على جلودها.
ومن حسن حظ يعقوب هذا أن كاترين دي مدسيس، الملكة الوالدة، كانت تحب الشعر والشعراء، وأن بلاط الملك كان حافلا بالأدباء؛ ولذلك أثرى يعقوب وجمع مالا كثيرا، وكان رجال البلاط يعاملونه غير معاملة التجار؛ لأنه من أهل العلم، ويكرمونه إكرامهم لكل شاعر وكاتب في ذلك الزمن، وصدق فيهم قول من قال: «إن الناس على دين ملوكهم.»
إلا أن ألسنة الأشرار تناولت الكتبي المسكين، فزعموا أن لجمال ابنته مادلين يدا في ثروته، وقال أحد الوعاظ إن يعقوب لوم إنما اغتنى؛ لأنه الكتبي الوحيد الذي رضي بأن يبيع نسخا من التوراة لأهل المذهب البروتستانتي. ومما لا ريب فيه أن حانوت يعقوب كان حاويا كتبا كثيرة، وأن ابنته كانت كذلك ذات حسن باهر.
وبعد انقضاء ثلاثة أيام على الحوادث التي جرت في فندق حملة السلاح كان يعقوب لوم جالسا إلى مكتبه ينظر في مسودات طبعة جديدة لديوان الشاعر بونسار (المتوفى سنة 1585) فسمع وقع حوافر جواد، فرفع رأسه وأبصر مسافرا يترجل عن فرسه أمام باب الحانوت، ويقول له: حياك الله يا لوم!
فصاح يعقوب لوم طربا: أهلا وسهلا بك يا بلترو!
وبلترو هذا من الذين كانوا في فندق حملة السلاح، كما مر بك.
Shafi da ba'a sani ba