ثم إنهم لفرط جهلهم يدعون ذلك في غيرها من نساء الأنبياء، فيزعمون أن امرأة نوح كانت بغيا، وأن الابن الذي دعاه نوح لم يكن منه وإنما كان منها، وأن معي قوله: { إنه عمل غير صالح } [هود: 46] أن هذا الولد من عمل غير صالح، ومنهم من يقرأ: { ونادى نوح ابنه } [هود: 42] يريدون: ابنها، ويحتجون بقوله: { إنه ليس من أهلك } [هود: 46]، ويتأولون قوله تعالى: { ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما } [التحريم: 10] على أن امرأة نوح خانته في فراشه، وأنها كانت قحبة.
وضاهوا في ذلك المنافقين والفاسقين أهل الإفك الذين رموا عائشة بالإفك والفاحشة ولم يتوبوا، وفيهم خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ”أيها الناس، من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا، والله ما علمت عليه إلا خيرا".
ومن المعلوم أنه من أعظم أنواع الأذى للإنسان أن يكذب على امرأته رجل ويقول إنها بغي ويجعل الزوج زوج قحبة، فإن هذا من أعظم ما يشتم به الناس بعضهم بعضا، حتى إنهم يقولون في المبالغة: شتمه - بالزاي والقاف - مبالغة في شتمه.
وهؤلاء الرافضة يرمون أزواج الأنبياء: عائشة وامرأة نوح بالفاحشة، فيؤذون نبينا صلى الله عليه وسلم غيره من الأنبياء من الأذى بما هو من جنس أذى المنافقين المكذبين للرسل، ثم ينكرون على طلحة والزبير أخذهما لعائشة معهما لما سافرا معها من مكة إلى البصرة، ولم يكن في ذلك ريبة فاحشة بوجه من الوجوه. فهل هؤلاء إلا من أعظم الناس جهلا وتناقضا؟
Shafi 45