فيقال له أولا: قول القائل: إن عائشة وطلحة والزبير اتهما عليا بأنه قتل عثمان وقاتلوه على ذلك - كذب بين، بل إنما طلبوا القتلة الذين كانوا تحيزوا إلى علي، وهم يعلمون أن براءة علي من دم عثمان كبراءتهم وأعظم، لكن القتلة كانوا قد أووا إليه، فطلبوا قتل القتلة، ولكن كانوا عاجزين عن ذلك هم وعلي، لأن القوم كانت لهم قبائل يذبون عنهم.
والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها. وهذا شأن الفتن كما قال تعالى: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة } [الأنفال: 25]، وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله.
وأيضا فقوله: "أي ذنب كان لعلي في قتله"؟
تناقض منه، فإنه يزعم أن عليا كان ممن يستحل قتله وقتاله، وممن ألب عليه وقام في ذلك، فإن عليا رضي الله عنه نسبه إلى قتل عثمان كثير من شيعته ومن شيعة عثمان، هؤلاء لبغضهم لعثمان وهؤلاء لبغضهم لعلي، وأما جماهير المسلمين فيعلمون كذب الطائفتين على علي.
والرافضة تقول: إن عليا كان ممن يستحل قتل عثمان، بل وقتل أبي بكر وعمر، وترى أن الإعانة على قتله من الطاعات والقربات. فكيف يقول من هذا اعتقاده: أي ذنب كان لعلي على ذلك؟ وإنما يليق هذا التنزيه لعلي بأقوال أهل السنة، لكن الرافضة من أعظم الناس تناقضا.
وأما قوله: "وكيف استجاز طلحة والزبير وغيرهما مطاوعتها على ذلك؟ وبأي وجه يلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره وأخرجها من منزلها وسافر بها كان أشد الناس عداوة له".
فيقال: هذا من تناقض الرافضة وجهلهم، فإنهم يرمون عائشة بالعظائم، ثم منهم من يرميها بالفاحشة التي برأها الله منها، وأنزل القرآن في ذلك.
Shafi 44