من حيث يستحيل إلى الإنسانية ، وحيث لا يصح من ذلك أن يقال فيه «عن» فإذا أضيف إليه العدم صح ، كما يقال عن الإنسان غير (1) الكاتب كان كاتب ، والعدم نفسه لا يصح فيه البتة أن يقال إلا مع لفظة «عن» فإنه لا يقال أن غير الكاتب (2) كان كاتبا وإلا فيكون كاتبا غير كاتب. نعم إن لم يعن بغير الكاتب نفس غير الكاتب ، بل الموضوع الموصوف بأنه غير كاتب ، فربما قيل ذلك ، وأما لفظة «عن» فيصح استعمالها فيه دائما.
على أنى لا أتشدد في هذا وما أشبهه ، فعسى اللغات تختلف في إباحة هذه الاستعمالات وخطرها ، بل أقول إذا عنى بلفظة «عن» المعنيان اللذان ذكرناهما ، جازا حيث أجزنا ، ولم يجز حيث لم نجوز (3). وقد يذكر في مثل هذا الموضع (4) حال شوق الهيولى إلى الصورة وتشبهها (5) بالأنثى وتشبه (6) الصورة بالذكر ، وهذا شيء لست أفهمه.
أما الشوق النفسانى فلا يختلف في سلبه عن الهيولى ، وأما الشوق التسخيرى الطبيعى الذي يكون انبعاثه على سبيل الانسياق (7)، كما للحجر إلى التسفل (8) ليستكمل (9) بعد نقص له في أينه الطبيعى (10)، فهذا الشوق أيضا بعيد عنه (11). فلقد (12) كان يجوز أن تكون الهيولى مشتاقة إلى الصورة (13)، لو كان هناك خلو عن الصور (14) كلها أو ملال (15) صورة مقارنة (16) أو فقدان القناعة بما يحصل من الصور المكملة إياها نوعا ، وكان لها أن تتحرك بنفسها إلى اكتساب الصورة (17) كما للحجر في اكتساب الأين ، إن كان فيها قوة محركة ، وليست خالية عن الصور كلها ، فلا يليق (18) بها الملال للصورة الحاصلة فيعمل في نقضها (19) ورفضها ، فإن حصول هذه الصورة إن كان موجبا للملال لنفس حصولها وجب أن لا يشتاق إليها وإن كان لمدة طالت ، فيكون الشوق عارضا لها بعد حين لا أمرا في جوهرها ويكون هناك سبب يوجبه (20). ولا يجوز أيضا (21) أن تكون غير قنعة بما يحصل ، بل مشتاقة إلى اجتماع الأضداد فيها ، فإن هذا محال ، والمحال ربما ظن أنه يشتاق إليه الاشتياق النفسانى.
وأما الاشتياق التسخيرى فإنما يكون إلى غاية في الطبيعة المكملة (22)، والغايات الطبيعية غير محالة ، ومع هذا ، فكيف يجوز أن تكون الهيولى تتحرك إلى الصورة ، وإنما تأتيها الصورة الطارئة من سبب يبطل صورتها
Shafi 20