تعين المقدار عليها بسبب يقتضي في الوجود ذلك المقدار. وذلك لسبب لايخلو إما أن يكون أحد الصور والأعراض التي تكون في المادة، أو سببا من خارج. فإن كان سببا من خارج فإما أن يفيد ذلك المقدار المقدر بتوسط أمر آخر أو بسبب استعداد خاص. فيكون حكم هذا وحكم القسم الأول واحدا يرجع إلى أن الأجسام لإختلاف أحوالها تختلف مقاديرها. وإما أن لا تكون الإفادة بسبب ذلك وبتوسطه، فتكون الأجسام متساوية الإستحقاق للكم ومتساوية الأحجام، وهذا كاذب. ومع ذلك أيضا فليس يجب أن يصدر عن ذلك السبب حجم بعينه دون حجم إلا لأمر، وأعني بذلك الأمر شرطا ينضاف إلى المادة به تستحق المقدار المعين لا لنفس كونها مادة ولا أيضا لكونها مادة لها مصور بالكمية، بل يكون للمادة شيء لأجله تستحق أن يصورها المصور بذلك الحجم والكمية. ويجوز أن تختلف بالنوع مطلقا، ويجوز أن تختلف بالأشد والأضعف ليس بالنوع مطلقا، وإن كان الأشد والأضعف قد يقارب الإختلاف في النوع، لكن بين الإختلاف بالنوع مطلقا وبين الإختلاف بالأشد والأضعف مخالفة معلومة عند المعتبرين فقد علم ان الهيولي قد تتهيأ بعينها لمقادير مختلفة وهذا أيضا مبدأ للطبيعيات. وأيضا فإن كل جسم يختص لا محالة بحيز من الأحياز، و ليس له الحيز الخاص به بما هو جسم، وإلا لكان كل جسم كذلك، فهو إذن لا محالة مختص به لصورة ما في ذاته، وهذا بين. فإنه إما أن يكون غير قابل للتشكيلات والتفصيلات فيكون بصورة ما صار كذلك لأنه بما هو جسم قابل له، وإما أن يكون قابلا لها بسهولة أو بعسر. وكيف ما كان، فهو على إحدى الصور المذكورة في الطبيعيات. فإذن المادة الجسمية لا توجد مفارقة للصورة. فالمادة إذن إنما تتقوم بالفعل بالصورة، فإذن المادة إذا جردت في التوهم، فقد فعل بها ما لا يثبت معه في الوجود.
الفصل الرابع: (د)
Shafi 41