فإذن ليس ههنا حقيقة للهيولي تكون بها بالفعل، وحقيقة أخرى بالقوة؛ إلا أن يطرأ عليه حقيقة من خارج، فيصير بذلك الفعل وتكون، في نفسها واعتبار وجود ذاتها، بالقوة. وهذخ الحقيقة هي الصورة. ونسبة الهيولي إلى هذين المعنيين أشبه بنسبة البسيط إلى ما هو جنس وفصل من نسبة المركب إلى ما هو هيولي وصورة. فقد بان من هذا أن صورة الجسمية من حيث هي صورة الجسمية محتاجة إلى مادة، ولأن طبيعة الصورة الجسمية في نفسها من حيث هي صورة جسمية لا تختلف. فإنها طبيعية واحدة بسيطة، ليس يجوز أن تتنوع بفصول تدخل عليها بما هي جسمية، فإن دخلتها فصول تكون أمورا تنضاف إليها من خارج، وتكون أيضا إحدى الصور المقارنة للمادة، ولا يكون حكمها معها حكم الفصول الحقيقية. وبيان هذا هو أن الجسمية إذا خالفت جسمية الأخرى فيكون لأجل أن هذه حارة وتلك باردة، أو هذه لها طبيعة فلكية وتلك لها طبيعة أرضية. وليس هذا كالمقدار الذي ليس هو في نفسه شيئا محصلا ما لم يتنوع بأن يكون خطا أو سطحا أو جسما، وكالعدد الذي هو ليس شيئا محصلا ما لم يتنوع أثنين أو ثلاثة أو أربعة. ثم إذا تحصل لا يكون تحصيله بأن ينضاف إليه شيء من خارج، وتكون الطبيعة الجنسية كالمقدارية أو العددية دونها طبيعة قائمة مشار إليها تنضاف إليها طبيعة أخرى فتتنوع بها؛ بل تكون طبيعة الإثنينية نفسها هي العددية التي تحمل على الإثنينية وتختص بها، والطولية نفسها هي المقدارية التي تحمل عليها وتختص بها. وأما ههنا فلا يكون كذلك، بل الجسمية إذا أضيف إليها صورة أخرى لا تكون تلك الصورة التي تظن فصلا والجسمية باجتماعها جسمية، بل تكون الجسمية أحدهما متحصلة في نفسها متحققة. فإنا نعني ههنا بالجسمية التي كالصورة لا التي كالجنس، وقد عرفت الفرق بينهما في كتاب البرهان، وسيأتيك ههنا إيضاح وبيان لذلك. على أنك قد تحققت فيما تبين لك الفرق بينهما، ما كان كالمقدار يجوز أن تكون أنواعه تختلف بأمور لها في ذاتها؛ والمقدار المطلق لا يكون له في ذاته شيء منها، وذلك لأن المقدار المطلق لا تتحصل له ذات متقررة إلا أن تكون خطا أو سطحا، فإذا تحصل خطا أو سطحا جاز أن يكون للخط لذاته، مخالفة للسطح بفصل هو محصل لطبيعة المقدارية، خطا أو سطحا. وأما الجسمية التي نتكلم فيها فهي في نفسها طبيعة محصلة، ليس تحصل نوعيتها بشيء ينضم إليها، حتى لو توهمنا أنه لم ينضم إلى الجسمية معنى، بل كانت جسمية لم يكون متحصلا في أنفسنا إلا مادة
Shafi 36