فقلت ضاحكا: فال الله ولا فالك.
فقال جادا: لن يعزينا انتباه ما بعد الموت عن الغفلة الطويلة في حياتنا.
ففكرت في قوله تمشيا مع رغبتي في المشاركة ونبذ دور المستمع السلبي، أما هو فمضى يقول: علينا أن نموت في هذه الحياة. - لا أتصورك قائلا أبدا. - في عنق كل منا جريمة قتل عليه أن يرتكبها.
فقلت لأقنعه بأنني بت أفهمه: تعني أن يقتل نفسه! - إذا وفق إلى قتل نفسه المستعبدة تحرر ووهب الانتباه! •••
وفي زيارة أخرى بادرني بسؤال عجيب: أتذكر نفسك التي آختني في عهدنا القديم؟
فقلت من فوري: طبعا. - أشك في ذلك، كان شخصا آخر تماما، في خلاياه وشكله ووزنه وفكره ورؤيته. - إني أتذكره على أي حال كلما أردت ذلك. - أشك في أنك تتذكره تماما، ولقد تتابع عليك مئات الأشخاص المختلفين لا يكاد يجمعهم إلا اسم «عبد الحميد حسني».
فقلت وأنا لا أدري مقصده: هذا طبيعي جدا. - الطبيعي أن يكون الإنسان «أنا» واحدا. - وهو كذلك بمعنى من المعاني.
فابتسم لحيرتي ثم قال: انتبهت ذات يوم - وكنت في أول الطريق - إلى تعدد شخصياتي، فسجلت بعضها في مذكرة اليوميات.
قاطعته متسائلا: لك يوميات؟ - نعم هذا ضروري جدا لمن يروم النجاح، المهم، اليك ما سجلته على قدر ما أذكره، وهو يوم واحد: (1)
في الصباح الباكر، نزاع حاد مع زوجتي بسبب المصروف، اتهام مني لها بالإسراف واتهام منها لي بالجهل. رميتها بالتمرد فرمتني بالرجعية، الحالة النفسية انفعال غضب ... ذاتية ... كذب ... ميل إلى الاستبداد ... خوف من المستقبل بلا أساس ... إرادة مشلولة ... عقل أسير ... عاطفة عمياء ... عاطفة في قبضة غريزة ... (2)
Shafi da ba'a sani ba