73

فحصل من هذه الجملة أن هذه المسألة مما لا سبيل للعقل فيها ، وإنما هي مسألة شرعية على ما قلناه.

وتحصيل الكلام فيها ، هو أن نقول :

إن المكلف لا يخلو ، إما أن يكون من أهل الثواب ، أو يكون من أهل العقاب.

فإن كان من أهل الثواب ، فلا يخلو ، إما أن يكون مستحقا للثواب العظيم ، أو مستحقا لثواب غير ذلك. فإن استحق الثواب العظيم ، فلا يخلو ، إما أن يكون من البشر ، أو لم يكن. فإن لم يكن من البشر سمي ملكا ومقربا إلى غير ذلك من الأسماء ، وإن كان من البشر فإنه يسمى نبيا ورسولا ومصطفى ومختارا أو مبعوثا إلى غير ذلك. وإن استحق ثوابا دون ذلك ، فإنه يسمى مؤمنا برأ تقيا صالحا إلى ما أشبه ذلك.

وإن كان من أهل العقاب ، فلا يخلو ، إما أن يكون مستحقا للعقاب العظيم ، أو لعقاب دون ذلك. فإن استحق العقاب العظيم فإنه يسمى كافرا أو مشركا سواء كان ذلك من البشر أو لم يكن.

ثم أنواع الكفر تختلف ، فربما يكون تعطيلا ، وربما يكون تهودا ، أو تمجسا ، أو تنصرا ، إلى غير ذلك ، وإن استحق عقابا دون ذلك ، فإنه يسمى فاسقا ، فاجرا ، ملعونا ، إلى ما شكاله.

فحصل من هذه الجملة أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا ، ولا كافرا ، ولا منافقا ، بل يسمى فاسقا. وكما لا يسمى باسم هؤلاء فإنه لا يجري عليه أحكام هؤلاء ، بل له اسم بين الاسمين ، وحكم بين الحكمين.

** المخالف في هذا الباب :

والمخالف في هذا الباب ، لا يخلو ، إما أن يقول : إن صاحب الكبيرة منافق ، وذلك لا وجه له ، لأن النفاق اسم لمن يبطن الكفر ويظهر الإسلام وليس هذا حال صاحب الكبيرة ، أو يقول إنه كافر على ما تقوله الخوارج.

والكلام عليه ، أن نقول : ما تعني به؟ أتريد أن حكمه حكم الكافر حتى لا يناكح ولا يورث ولا يدفن في مقابر المسلمين ، أو تريد أنه يسمى كافرا وإن لم تجز عليه هذه

Shafi 87