128

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

Nau'ikan

مشروعية التيمم وصفته وأحكامه قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب التيمم: عن عمران بن حصين ﵁: (أن رسول الله ﷺ رأى رجلًا معتزلًا لم يصل في القوم، فقال: يا فلان! ما منعك أن تصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء. فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك) . وعن عمار بن ياسر ﵄ قال: (بعثني النبي ﷺ في حاجة، فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي ﷺ فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا. ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه)] . هذا باب التيمم، والمراد به التطهر بالتراب عند فقد الماء كما هو معروف، وسمي تيممًا للأمر به كما في قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا﴾ [المائدة:٦]، فلما سماه الله تيممًا أخذوا اسمه من هذه الكلمة. وسبب نزول الآيات في مشروعية التيمم، أنهم كانوا مسافرين في غزوة من الغزوات، ولما كانوا ذات ليلة في مكان سقط عقد لـ عائشة في الليل، فأمرهم النبي ﵊ أن ينيخوا رواحلهم، فباتوا وليس معهم ماء يتوضئون به، فأنزل الله في تلك الليلة آية التيمم، وفيها يقول أسيد بن حضير لـ عائشة: (ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، ما نزل بكم أمر أو شدة إلا جعل الله لكم منه مخرجًا، وجعل الله للمسلمين فيه خيرًا) . وقد ورد في الأحاديث أنه من خصائص هذه الأمة، يعني: أن من خصائص هذه الأمة التيمم بالتراب، قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة:٦] . قوله: (يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)، التطهير بهذا التراب تطهير معنوي، وذلك أن المسلم يستحضر أن ربه سبحانه أمره باستعمال التراب فيمسح به وجهه وكفيه، فهو يقصد ذلك امتثالًا لأمر الله.

6 / 2