120

[وجه ان أفعاله تعالى «تفهيم»]

وافعاله تفهيم

إذ الموجودات التي هي آثار الله وعلامات ربوبيته، يوصل كل منها إلى العلم بوجود صانعها وصفاته الحسنى والدار الأخرى؛ ولأن السعادة التامة هي معرفة الوجود على ما هو عليه وهي إنما تحصل بأن يعرف نظام الوجود المبتدئ من الله سبحانه على ترتيب الأسباب والمسببات واتصال كل واحد بصاحبه واشتمال كل سابق على لاحقه؛ ولأن العالم عبارة عن أفعال الله تعالى وهي إنما تدل على أسمائه الحسنى وصفاته العليا لأنها آثار تلك الأسماء والصفات- كما عرفت مرارا- وكذا الأسماء يدل على مسمى واحد أحدي الذات والمعنى.

وأيضا، لأن هذا العالم الحسي إنما هو مثال وصنم للعالم الأعلى العقلي والاستدلال على ما هناك لا يكون الا بما هاهنا ولهذا ورد عن الرضا عليه السلام في مكالمة عمران الصابي [1] في قوله ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا قال عليه السلام: «يعني أعمى عن الحقائق الموجودة» [2] .

قيل: المحسوسات أساس كل عطية صورة ومعنى أما الصورة فظاهرة وأما المعنى فلأنه لو لا أحست النفس أولا بالمحسوسات لما اهتدت إلى أسماء الصفات ولا أحاطت بالعطايا المعنوية من المعارف الحقيقية ومن ذلك قال معلم الحكمة: «من فقد حسا فقد علما» [3] ورأس ذلك كله معرفة النفس قال تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [4] وعن المسيح عليه السلام: «من لم

Shafi 135