Sharhin Fitarin Rana
شرح طلعة الشمس على الألفية
Nau'ikan
الشرط الثالث: أن يكون ضابطا والمراد بالضبط هاهنا إتقان المعنى عند السماع والمحافظة على حفظه حتى يؤديه كما سمعه، ولا يشترط حفظ اللفظ لجواز أن يؤديه بالمعنى إذا أتقنه إتقانا تاما ومن لم يجوز تأدية الحديث بمعناه دون لفظه يشترط حفظ اللفظ أيضا فلا تقبل رواية من غلب سهوه على ضبطه اتفاقا واختلفوا فيمن يعتريه السهو ولم تكن حالة ضبطه أغلب على حالة سهوه، فقيل بقبول روايته وقيل بردها وقيل إنها موضع اجتهاد ومعناه أنه ينظر في روايته فإن دل دليل على ترجيح صدقه فيها قبلت وإلا تركت، احتج القابلون لروايته بإجماع الصحابة على قبول خبر من كثرت غفلته وذهوله فإنهم حين عثروا على كثرة سهو أبي هريرة وغلطه هدده عمر وعائشة ونهوه عن تكثير الرواية، ومع ذلك لم يمنعوا قبول خبره ولا فرقوا بين ما فيه مطعن وبين ما لا مطعن فيه، واحتج من قال بردها بأن شهادة من كثرت غفلته وسهوه لا تقبل اتفاقا فكذلك روايته لأنهما باب واحد، قال صاحب المنهاج: "أما القول بالقبول فهو تفريط لأن الواجب العمل بالظن ولا ظن مع استواء حالتيه في الغفلة والتحفظ ولا نسلم قبول الصحابة من أي هريرة بعد اطلاعهم على كثرة غفلته إلا مع قرينة أخرى تشهد بصحة روايته وأما القول بالرد فهو إفراط لأنه إذا كان عدلا وغلب الظن في روايته حديثا بعينه أنها صدرت عن تحفظ لا عن غفلة لقرينة اقتضت ذلك في الراوي العدل فلا وجه يوجب ودها حينئذ إذ قد كملت شروط صحتها"، قال: "وأما الثالث فهو منهج التوسط بين الإفراط والتفريط وهو المختار عندنا وهو الذي يظهر من أحوال الصحابة فإنهم كانوا مختلفين، ألا ترى أن ابن عباس وعائشة ودا خبر أبي هريرة وقبله غيرهما، وردت عائشة قول ابن عمر وقبل غيرها ولم ينكر أحد منهم على صاحبه ردا ولا قبولا، وهذا يقتضي كونه موضع اجتهاد كما اخترنا"، انتهى كلامه والله
أعلم.
Shafi 32