292

Sharhin Fitarin Rana

شرح طلعة الشمس على الألفية

Nau'ikan

احتج القائلون بأنه نظري بأنه يفتقر إلى مقدمتين وهما تقدم العلم بأن المخبر عنه من المحسوسات وأن المخبرين عدد لا حامل لهم على الكذب ولا يصح تواطؤهم عليه ولا اتفاقه لهم ومن كان كذلك امتنع وقوع الكذب في خبره فيعلم أنه صدق وهذه محض الاستدلال وأجيب بالمنع من ذلك، بل يكفي أنه لا حامل لهم على الكذب ولا يشترط سبق العلم بذلك، ثم صورة الترتيب على المقدمتين ممكن في كل ضروري قال أبو الحسين: "وأقوى ما يذكره الذاهبون إلى أنه ضروري أن أحدنا يجد العلم الضروري بوجود الصين مع كونه لا يعلم أن الذي أخبره به كثرة"، قال: "وذلك باطل لأنه يعلم أنه قد أخبره به من لا داعي له إلى الكذب فيستدل بذلك"، قال صاحب المنهاج: "وهذه الدعوى منه غير صحيحة؛ فإنه يجد العلم بالبلدان من لا يخطر على باله كون المخبرين له بها لهم داع إلى الكذب أم لا داعي لهم، وما لا يخطر بالبال كيف يصح الاستدلال به، فبطل ما زعمه"، وقول المصنف: "ودون ذاك رتبة المشهور"، يعني أن رتبة الخبر المشهور في القوة دون رتبة الخبر المتواتر، فإن الخبر المتواتر يوجب العلم القطعي بإجماع المسلمين وإن اختلفوا في كونه ضروريا أم نظريا، وأما الخبر المشهور فلم يجتمع على أنه يفيد العلم القطعي، وإن كان ظاهر كلام البدر الشماخي- عفا الله عنه- أن المستفيض المتلقى بالقبول مقطوع بصدقه كالمتواتر وأراد بالمستفيض هو ما عبرنا عنه هاهنا بالمشهور، فإن بعضا ذهب إلى أنه يفيد علم طمأنينة وهي زيادة توطين وتسكين يحصل للنفس على ما أدركته، فإن ذلك المدرك يقينا كالحاصل بخبر التواتر فاطمئنانها زيادة اليقين وكماله كما يحصل للمتيقن بوجود مكة بعدما يشاهدها وإليه الإشارة بقوله تعالى حكاية عن خليله - عليه السلام - : { ولكن ليطمئن قلبي } (البقرة: 260)، وإن كان ظنيا كالحاصل بالخبر المشهور فاطمئنانها رجحان جانب الظن بحيث يكاد يدخل في حد

اليقين وحاصله سكون النفس عن الاضطراب بملاحظة كونه آحاد الأصل فالمتواتر لا شبهة في اتصاله صورة ولا معنى، وخبر الآحاد في اتصاله شبهة صورة ومعنى حيث لم تتلقاه الأمة بالقبول، والمشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه آحاد الأصل لا معنى لأن الأمة قد تلقته بالقبول، فأفاد حكما دون اليقين وفوق أصل الظن هذا نص كلام بعضهم فيه وهو على هذا رتبة بين المتواتر والآحاد.

Shafi 14