يقول، مؤكدًا لما قدمه من استئناسه بوجوده، واستسهاله لحاله: أينكر خدي ما أسيل عليه من الدمع، وهو يسكن من ذلك إلى حال قد عرفها، وعادة قد ألفها، وتجري منه في طريق مسلوك، وسبيل معمور؟ والمسلك السائل: الذي يكثر المرور فيه.
أأوَّلُ دَمْعٍ جَرَى فَوْقَهُ ... وأوَّلُ حُزْنٍ عَلى رَاحِلِ
ثم أكد، فقال: أهذا الدمع أول دمع أذريته؟ وهذا الحزن أول حزن شكوته؟ هذا الذي لا أعرف غيره، ولا أود فقده.
وَهَبْتُ السُّلُوَّ لِمَنْ لامَني ... وَبِتُّ مِنَ الشَّوْقِ في شَاغِلِ
يقول، مستبصرًا في حبه، ومعرضًا عن المتكلف للومه: وهبت للائم لي السلو الذي يدعوني إليه، والجلد الذي يخضني عليه، وبت من الشوق فيما يشغلني عن لومه، ويزهدني في عذله.
كأنَّ الجُفُونَ على مُقْلتي ... ثِيابُ شُقِقْنَ علَى ثَاكِلِ
ثم شبه قلة التقاء جفونه على مقلته، واشتغاله بما يذريه من عبرته، بثياب مشقوقة على ثاكل موجعة ووالهة مفجعة، وشبه مقلته في حزنها
1 / 201