وقد جرى حبكم منه مجرى الطبيعة، وحل فيه محل الخليقة، والطبيعة لا تنقاد لناقلها، ولا تتأتى لمخالفها.
وإنِّي لأعْشَقُ مِنْ عِشْقِكُمْ ... نُحُولي وكُلُ امْرئ ناحِلِ
أخبرنا باستبصاره في عشق وأنه لتأكد نيته في ذلك، يعشق نحول جسمه، ويأنس باتصال سقمه، ويعشق كل ناحل، لمشاكلته إياه في حاله.
وَلَوْ زُلْتُمُ ثُمَّ لَنْ أبْكِكُمْ ... بَكَيْتُ على حُبِّي الزَّائِلِ
ثم قال: ولو زلتم ولم أبك على نأيكم، وأظهر الأسف لفقدكم، لبكيت لفقد حبكم، وأسفت لعدم عشقكم، اغتباطًا بذلك فيكم، واستعذابًا لما ألقاه بكم. واستفتاحه بقوله: (ولو زلتم)، وتقفيته بعد ذلك بالزائل، باب من أبواب البديع يعرف بالتصدير.
أيُنْكِر خَدِّي دُمُوعي وَقَدْ ... جَرَتْ مِنْهُ في مَسْلَكٍ سَائلِ
1 / 200