ثم ذكر: أنه لا ينفك من مرحلة وغزوة، يرفه المجد فيها بتعبه، ويجمه بتمونه،
فيوجب ذلك انفراده به، واجتيازه له، ولقد أبدع بالمطابقة بين المسير والمقام.
وإذَا كانَتِ النُّفُوسُ كِبَارًَا ... تَعِبَتْ في مُرَادِهَا الأجْسَامُ
ثم قال: وإذا عظمت النفوس، وارتفعت الهمم، سهل في مرادها الشديد، وقرب البعيد، وتعبت الأجسام، الأجسام، واستكره المقام.
وَكَذا تَطْلُع البُدُورُ عَلَيْنَا ... وَكَذَا تَقْلَقُ البُحُورُ العِظَامُ
وكذلك البدور إنما تطلع علينا سائرة، وتبدو لأعيننا راحلة، والبحر يمد ويحشر، ويهيج ويضطرب، فبين أن من عظم شأنه، كثر تمونه، ولم يستقر به موضعه، والبدور جمع بدر، وكأنه جعل بدر كل شهر بدرًا على حياله.
ولَنَا عَادَةُ الجَميلِ من الصَّبرِ ... لَو أنَّا سِوَى نَوَاكَ
ثم يقول: نحن أهل الصبر والحفاظ، والمعتادون لذلك، لو أننا
1 / 175