### ||| [الطرق الدالة على حدوث الأجسام]
[الطريقة الأولى: طريقة التأليف]
ودلالة الجسم علىالله ظاهرة، وذلك أنا نراه مركبا مؤلفا، وذلك معلوم لكل عاقل متأمل، فلا بد له من مركب ومؤلف على ما نعلمه في الشاهد من البناء والكتابة، والعلة في حاجة البناء والكتابة في الشاهد إلى الباني والكاتب هي الحدوث، بدلالة أنهما - أعني البناء والكتابة - لا يحتاجان إلى الباني والكاتب في البقاء بعد الحدوث، لأنهما يبقيان بعد زوال قدرته وموته وتفرق أجزائه، بل فناه وعدمه، لو قدر أن المضادة ألا يكون على مجرد الوجدان.
وكشف ذلك أنا لو رفعنا عن نفوسنا إعتقاد حدوثها إرتفع العلم
لا محالة بحاجتها إلى المحدث، ولا يحتاج إليه في عدمها الأصلي، لأنها معدومة قبل وجوده، فلم يبق لحاجة البناء والكتابة إلى المحدث وجه إلا لإخراجهما من العدم إلى الوجود، وقد شاركت الأجسام البناء والكتابة في الحدوث فوجب أن تشاركها([40]) في الحاجة إلى المحدث، وذلك المحدث لايكون إلا الله -تعالى- وهذا إستدلال بالشاهد على الغائب لإشتراكهما في علة الحكم، فخرج عن كونه إستدلالا بمجرد الوجدان، ولحق بإستدلال أهل الحقائق.
[الإستدلال على حدوث تأليف الأجسام]
فإن قيل: إنكم بنيتم استدلالكم على أن تأليف الأجسام محدث، وأن ذلك موجب([41]) حدوثها، فإذا كان ذلك كذلك كان لا بد لها من محدث، وهذا لا نسلمه لكم، بل نقول: إن تأليفها قديم فلا يحتاج إلى محدث.
Shafi 78