Sharhin Risalar Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Nau'ikan
قوله: (وهو على فاعله مراتب): المراتب: هي الأمور التي يبنى بعضها على بعض وكان أصلها في الأجسام ثم نقلت بعد ذلك إلى الكلام فصارت حقيقة مشتركة.
قوله: (وعظ): يريد؛ التذكير بأمر الله -تعالى- والتخويف من عقابه، والترغيب فيما عنده من جزيل ثوابه، فهذا أول ما يجب على الآمر الناهي أن يأتي به، فإن نجح وإلا انتقل إلى مرتبة أخرى وهي القول الخشن، والتهديد والوعيد، فإن نجع وإلا ضرب بالسوط والعصا، والزجر يقتضي التهديد والضرب بالسوط والعصا، وإلا فالسيف.
(والحسم): هو القطع بلا حسم.
و(القضب): هو القطع مع الحسم([2])، ولذلك يسمى السيف حساما وقاضبا، والمعنى فيهما متقارب، وإنما قلنا ذلك لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يردان لأنفسهما وإنما يردان لما يؤديان إليه من وقوع المعروف وارتفاع المنكر، فإذا حصل ذلك بالأمر الهين لم يجز العدول إلى الأمر الصعب.
وقوله: (من غير تفريط ولا استعجال): التفريط والتقصير والتواني معناها واحد، والتأني يقرب منها؛ إلا أنه محمود، والتواني مذموم مثل العجلة والسرعة، معناهما متقارب، والعجلة مذمومة والسرعة محمودة، ولا وجه للإتساع فيما يتعلق باللغة وإنما نذكر طرفا تتعلق به الفائدة.
ومراده بذلك أن لا يتوانا الآمر الناهي فيفوته الأمر لوقوع منكره وترك واجبه، ولا يستعجل فيأمر وينهى على وجه الوجوب قبل وجوب ذلك الأمر عليه فيكون ذلك قبيحا.
وقلنا بوجوبه على الكفاية: لأن الأمر لم يتعين، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن لم يقم به البعض وجب على الكافة لتوجه الذم إلى الجميع، وذلك معنى واجب الكفاية، فاعلم ذلك موفقا.
Shafi 206