Sharhin Risalar Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Nau'ikan
قلنا: الطاعة هي فعل ما أمر به المطاع، وسيأتي فيما بعد ذلك دون غيره مما لم يؤمر به، ألا ترى أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يوصف، ولا يجوز وصفه، بالبعد عن طاعة الله -تعالى- طرفة عين، وقد أقام لا يصوم ولا يصلي قبل الأمر بذلك دهرا طويلا، فلما أمر -صلى الله عليه وآله وسلم- تبتل([15]) إلى خالقه تبتيلا، والله -تعالى- لم يأمر المريض العاجز عن القيام بالتطهر والصلوة قائما متوضيا.
ويؤيد ذلك: قوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من
حرج}[الحج:78]، وقوله سبحانه: {ولا على المريض حرج}[النور:61]، فالمريض في حال مرضه يتمكن من كل ما أمره الله -تعالى- به في حال مرضه من الصلاة قاعدا، أو على جنبه متوضيا أو متيمما كما أمره ربه، إذ لم يكلفه سبحانه إلا ومعه تمكن الصحيح من طاعة ربه التي أمر بها بمبلغ طاقته، وللمريض زيادة الخشوع والإنقطاع الذي يعلمه كل عاقل منصف من نفسه، فالأمر بالضد مما توهمه السائل وعكسه.
[بيان وجه الحكمة في ألم الأطفال]
فإن قيل: إذا ثبت هذا في حق المكلفين فما وجه الحكمة في ألم الأطفال؟.
قلنا: ليعتبر بهم المكلفون، ويعوضهم على ذلك رب العالمين، فإن الله -تعالى- قد ذخر لهم على آلامهم ما يصغر عندهم الآلام ويهون المشاق، فلذلك حسن ألمهم فظهر وجه الحكمة فيه.
Shafi 168