304

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Editsa

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

فقال علي عليه السلام : أما ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل ؛ فإن الله عز وجل يقول : ' من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ' ؛ وأنا من أن أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف . وأما ما ذكرت من أن الحق ثقل عليهم ففارقونا لذلك ، فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور ، ولا لجأوا إذ فارقونا إلى عدل ، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة عنهم كان قد فارقوها ، وليسألن يوم القيامة : أللدنيا أرادوا أم لله عملوا ؟ وأما ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال ، فإنه لا يسعنا أن نؤتي امرأ من الفيء أكثر من حقه ، وقد قال الله سبحانه وتعالى وقوله الحق : ' كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ' وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وحده ، فكثره بعد قلة ، وأعز فئته بعد الذلة ، وإن يرد الله أن يولينا هذا الأمر يذلل لنا صعبه ، ويسهل لنا حزنه ، وأنا قابل من رأيك ما كان لله عز وجل رضا ، وأنت من آمن الناس عندي ، وأنصحهم لي ، وأوثقهم في نفسي إن شاء الله .

وذكر الشعبي ، وقال : دخلت الرحبة بالكوفة - وأنا غلام - في غلمان ؛ فإذا أنا بعلي عليه السلام قائما على صبرتين من ذهب وفضة ، ومعه مخفقة ، وهو يطرد الناس بمخفقته ثم يرجع إلى المال فيقسمه بين الناس ؛ حتى لم يبق منه شيء ، ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا ولا كثيرا . فرجعت إلى أبي فقلت له : لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس ، قال : من هو يا بني ، قلت : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، رأيته يصنع كذا ، فقصصت عليه ، فبكى ، وقال : يا بني ، بل رأيت خير الناس .

وروى محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة ، عن زاذان ؛ قال : انطلقت مع قنبر غلام علي عليه السلام ، فإذا هو يقول : قم يا أمير المؤمنين ، فقد خبأت لك خبيئا ، قال : وما هو ويحك ! قال : قم معي ، فانطلق به إلى بيته ، وإذا بغرارة مملوءة من جامات ذهبا وفضة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، رأيتك لا تترك شيئا إلا قسمته ، فادخرت لك هذا من بيت المال ، فقال علي عليه السلام : ويحك يا قنبر ! لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا عظيمة . ثم سل سيفه وضربه ضربات كثيرة ، فانتثرت من بين إناء مقطوع نصفه ، وآخر ثلثه ، ونحو ذلك ، ثم دعا بالناس ، فقال : اقسموه بالحصص ، ثم قام إلى بيت المال ، فقسم ما وجد فيه ، ثم رأى في البيت إبرا ومسال ، فقال : ولتقسموا هذا ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه - وقد كان علي عليه السلام يأخذ من كل عامل مما يعمل - وقال : ليؤخذن شره مع خيره .

وروى عبد الرحمن بن عجلان ، قال : كان علي عليه السلام يقسم بين الناس والأبزاز والحرف والكمون ، وكذا وكذا .

وروى مجمع التيمي ، قال : كان علي عليه السلام يكنس بيت المال كل جمعة ، ويصلي فيه ركعتين ، ويقول : ليشهد لي يوم القيامة .

Shafi 118