209

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Editsa

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

وأما ما ذكره من إفساد حمل الفلتة في الخبر على هذه الوجوه المتأولة فجيد ، إلا أن الإنصاف أن عمر لم يخرج الكلام مخرج الذم لأمر أبي بكر ؛ وإنما أراد بالفظة محض حقيقتها في اللغة ، ذكر صاحب الصحاح أن الفلتة الأمر الذي يعمل فجأة من غير تردد ولا تدبر ، وهكذا كانت بيعة أبي بكر ، لأن الأمر لم يكن فيها شورى بين المسلمين ، وإنما وقعت بغتة لم تمحص فيها الآراء ، ولم يتناظر فيها الرجال ، وكانت كالشيء المستلب المنتهب ، وكان عمر يخاف أن يموت عن غير وصية ، أو يقتل عن غير وصية ، أو يقتل قتلا فيبايع أحد المسلمين بغتة كبيعة أبي بكر ، فخطب بما خطب به ، وقال معتذرا : ألا أنه ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق كأبي بكر ! وأيضا قول المرتضى : قد يتفق من ظهور فضل غير أبي بكر وخوف الفتنة مثل ما اتفق لأبي بكر ، فلا يستحق القتل ، فإن لقائل أن يقول : إن عمر لم يخاطب بهذا إلا أهل عصره ، وكان رحمه الله تعالى يذهب إلى أنه ليس فيهم كأبي بكر ، ولا من يحتمل له أن يبايع فلتة كما احتمل ذلك لأبي بكر ؛ فإن اتفق أن يكون في عصر آخر بعد عصره من يظهر فضله ، ويكون في زمانه كأبي بكر في زمانه فهو غير داخل في نهي عمر وتحريمه .

واعلم أن الشيعة لم تسلم لعمر أن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، قال محمد بن هانئ المغربي :

ولكن أمرا كان أبرم بينهم . . . وإن قال قوم فلتة غير مبرم

وقال آخر :

زعموها فلتة فاجئة . . . لا ورب البيت والركن المشيد

إنما كانت أمورا نسجت . . . بينهم أسبابها نسج البرود وروى أبو جعفر أيضا في التاريخ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وأخرجوا سعد بن عبادة ، ليولوه الخلافة ، وكان مريضا ، فخطبهم ودعاهم إلى إعطائه الرياسة والخلافة فأجابوه ، ثم ترادوا الكلام فقالوا : فإن أبى المهاجرون ، وقالوا : نحن أوليائه وعترته ؟ فقال قوم من الأنصار : نقول : منا أمير ومنكم أمير ، فقال سعد : هذا أول الوهن ! وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه أبو بكر ، فأرسل إليه أن اخرج إلي ، فأرسل : إني مشغول ، فأرسل إليه عمر أن اخرج ، فقد حدث أمر لا بد أن تحضره ، فخرج فأعلمه الخبر ، فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة ، فتكلم أبو بكر ، فذكر قرب المهاجرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم أولياؤه وعترته ، ثم قال : نحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا نفتات عليكم بمشورة ، ولا نقضي دونكم الأمور .

Shafi 23