وقد ملكوا في سنة واحدة (٦١٧ هـ) عامَّة الممالك إلا العراق والجزيرة والشام ومصر (١).
وظهر من جهة الغرب الفرنج الصليبيون، وقصدوا الشام والديار المصريَّة، وتكررت غاراتهم وهجماتهم على ديار المسلمين، فملكوا بعض المدن والحصون، وقتلوا وأسروا ونهبوا وعاثوا فيما وصلوا إليه فسادًا عظيمًا (٢).
أمّا من سلم من هاتين الطائفتين - التتار والفرنج - من المسلمين، فالسيف بينهم مسلول، والفتنة قائمة على ساق (٣)، ساعد على ذلك انقسام الدولة الإِسلاميَّة إلى دويلات ومماليك صغيرة وذلك بعد ضعف الدولة العبَّاسيَّة، فكانت الحرب قائمة بين هذه المماليك من حين لآخر إشباعًا لأطماع السلاطين، وبسبب تولية الصبيان واستبداد الأمراء والوزراء بالأمر ووقوع التنافس فيما بينهم، مع انشغالهم بالشهوات وجمع الأموال فى أكثر الأوقات.
أما الحالة الاجتماعية فتابعة للحالة السياسية: فإن المجتمع الإِسلامي لم يعرف الهدوء والاستقرار في هذه الفترة، فالحرب قائمة على ساق، سواء كانت مع غير المسلمين - الفرنج والتتار -، بين المسلمين أنفسهم، وما يتبع ذلك من إزهاق للأرواح، والأموال، وحصار للمدن، والتضييق على أهلها، وما يتبع ذلك من غلاء في الأسعار وإفقار للناس.
وذلك كما حصل أثناء حصار الخوارزميَّة لدمشق في سنة (٦٤٣) هـ فقد نصبوا حولها المنجنيقات، وقطعت الأنهار، وغلت الأسعار، وأخيفت الطرق، وجرت بها أمور بشعة لم تر مثلها من قبل، حتى أُكلت القطط
_________
(١) انظر: البداية والنهاية ١٣/ ٩٤، التاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر ٦/ ٣٤٦ وما بعدها.
(٢) انظر. الكامل في التاريخ ١٢/ ٣٦٠.
(٣) المصدر نفسه.
المقدمة / 31