Sharhin Jumal Zajjaji
شرح جمل الزجاجي
Nau'ikan
وإذا قلت: ما رأيته مذ يومان، فالناس مختلفون في الرافع لما بعد مذ. فمنهم من ذهب إلى أنه ارتفع بفعل مضمر وهو الكسائي. وذلك باطل لما تقدم في أول الباب، وأيضا فإنهم يقولون: ما رأيته مذ أن الله خلقني، والجملة لا تكون فاعلة، وكذلك قولهم: ما رأيته مذ زيد قائم، فهذا المذهب فاسد. ومنهم من قال. إنه ارتفع على الابتداء، ومذ خبر مقدم ظرف، التقدير: بيني وبين لقائه يومان. وهو أبو القاسم.
وزعم الفارسي وأبو بكر أنه خبر مبتدأ وأن التقدير: مدة ذلك يومان. وهذا أولى، لأنه يطرد ولا ينكسر أصلا، ومذهب أبي القاسم ينكسر، ألا ترى أنه لا يسوغ في «ما رأيته مذ يوم الجمعة» هذا التقدير لأنك إن قلت: بيني وبين لقائه يوم الجمعة كنت كاذبا، لأن بينك وبين لقائه أكثر من ذلك وهو ما بعد يوم الجمعة. وإذا قلت: أول ذلك يوم الجمعة، جاز لأنك أخبرت بأول الانقطاع أنه كان في يوم الجمة ثم اتصل.
فمذهب أبي علي الفارسي أولى لاطراده.
واعلم أن «مذ ومنذ» إذا وقع بعدهما الزمان ووقع بعدهما الفعل فلا بد أن يكون ذلك الفعل ماضيا، وإن كان مضارعا فلا يجوز إعماله في ظرف ماض ولا مستقبل، فلا تقول: ما رأيته مذ زمن يقوم أمس، لتنافر ما بين يقوم وأمس. وكذلك لا يجوز: ما رأيته مذ زمن يقوم غدا، لأن معناه الماضي ولا يقع المضارع موقع الماضي إلا في مواضع محفوظة. فإن جئت بفعل مضارع فإنما يكون وحده غير معمل في شيء ويكون على حكاية الحال فتقول: ما رأيته مذ زمن يقوم، تريد: منذ زمن كان فيه يقوم.
واعلم أن مذ ومنذ إذا دخلت واحدة منهما على الفعل فلا بد من أن تكون الصيغة ماضية فتقول: ما رأيته مذ قام زيد، ولا يجوز: مذ يقوم زيد، وعلة ذلك أن الفعل إذا وقع بعدهما فلأنه على تقدير زمن محذوف فهو هنا مجاز، فكرهوا أن يكون ثم مجازان: حذف الزمان وحكاية الحال.
Shafi 117