Sharhin Diwan Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Bincike
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
Mai Buga Littafi
دار المعرفة
Inda aka buga
بيروت
الْمَعْنى يَقُول فى وصف بلد طَوِيل لَو أسرعت ريَاح الشمَال فى ذَلِك الْبَلَد وَعَلَيْهَا رَاكب لأناخ الرَّاكِب وَالشمَال طليح أى معية وَهَذَا من بَاب الْمُبَالغَة فَإِذا كَانَت الرّيح تعيا فِيهِ فَكيف الْإِنْسَان وَذكر الْعرض ليدل على السعَة لِأَنَّهُ أقل فى الْعرف من الطول وَهُوَ فى كل شئ كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾
١٢ - الْإِعْرَاب ركبهَا مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ التَّسْبِيح والثقدير وركبها مسبحون وَالضَّمِير عَائِد إِلَى القلص وَخَوف الْهَلَاك مفعول لأَجله أَو فى مَوضِع الْحَال وحداهم التَّسْبِيح مُبْتَدأ وَخبر الْغَرِيب قلص الركاب هى الْفتية من الْإِبِل الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى نازعته أخذت مِنْهُ بقطعى إِيَّاه وأعطيته مَا نَالَ من الركاب قَالَ الواحدى وَلَيْسَ الْمَعْنى على مَا قَالَ لِأَن الْمُتَنَازع فِيهَا هى القلص فالبلد يفنيها وَيَأْخُذ مِنْهَا وَهُوَ يستبقيها وَالْمعْنَى إنى أحب إبقاءها والبلد يحب إفناءها بالمنازعة فِيهَا كَقَوْل الْأَعْشَى
(نازعتُهم قُضُب الرَّيحانِ متَّكئا)
أى أخذت مِنْهُم وأعطيتهم وهم أخذُوا منى وأعطونى وَمعنى الْبَيْت إِنَّهُم من خوفهم كَانُوا يسبحون الله من هول الطَّرِيق ومشقتها وَكَانَ التَّسْبِيح بدل الحداء يتبركون بالتسبيح ويرجون بِهِ النجَاة
١٣ - الْإِعْرَاب لَوْلَا الْأَمِير الْأَمِير مُرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا أَن الِاسْم مَرْفُوع بهَا لِأَنَّهَا نائبة عَن الْفِعْل الذى لَو ذكر لرفع الِاسْم كَمَا تَقول لَوْلَا زيد لجئت تَقْدِيره لَو لم يمنعنى إِلَّا أَنهم خذفوا الْفِعْل تَخْفِيفًا وَزَادُوا لَا على لَو فَصَارَ بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد كَقَوْلِهِم أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك تَقْدِيره أَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك قَالَ الشَّاعِر
(أَبَا خُرَاشة أمَّا أنتَ ذَا نَفَرٍ ... فإنّ قَوْمَى لم تأكُلْهُمُ الضُّبُعُ)
أى أَن كنت ذَا نفر فَحذف الْفِعْل وَزَاد مَا عوضا عَنهُ والذى يدل على أَنَّهَا عوض عَن الْفِعْل أَنه لَا يجوز ذكر الْفِعْل مَعهَا لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وكقولهم إمالا فافعل هَذَا تَقْدِيره إِن لم تفعل مَا يلزمك فافعل هَذَا فَحذف الْفِعْل لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وزيدت مَا على أَن عوضا عَنهُ فصارتا بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد وَيجوز إمالتها لِأَنَّهَا صَارَت عوضا عَن الْفِعْل كَمَا أمالوا بلَى وَيَا فى النداء والشواهد كَثِيرَة على أَن الْفِعْل بعْدهَا مَحْذُوف وَاكْتفى الإسم بلولا وَيدل على أَن زيدا منعنى قَالَ الله تَعَالَى ﴿فلولا أَنه كَانَ من المسبحين﴾ وَلَو كَانَت فى مَوضِع الِابْتِدَاء لوَجَبَ أَن تكسر فَلَمَّا فتحت دلّ على صِحَة قَوْلنَا وَحجَّة الْبَصرِيين على أَنه يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ دون لَوْلَا أَن الْحَرْف لَا يعْمل إِلَّا إِذا كَانَ مُخْتَصًّا وَلَوْلَا لَا يخْتَص بالإسم دون الْفِعْل وَقد يخْتَص بِالْفِعْلِ وَالِاسْم قَالَ الشَّاعِر
(لَا درّ درّك إنى قد حَمِدُتهم ١ ... لَوْلَا حُدِدْت وَمَا عُذْرَىِ لمَحْدودِ)
وَنحن نقُول إِن هَذَا الْبَيْت على معنى لَوْلَا أَنى حددت فَصَارَت مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ دون الْفِعْل وَقَوله جشمت فِيهِ ضمير يعود على الركاب الْغَرِيب جشمت كلفت جشمت الْأَمر بِالْكَسْرِ جشما وتجشمته تكلفته على مشقة وجشمته الْأَمر تجشيما وأجشمته إِذا كلفته إِيَّاه وَقَالَ الشَّاعِر عبد الْمطلب ٢
(مهما تُجَشِّمْنى فإِنىَ جاشمُ ...)
الْمَعْنى يُرِيد لَوْلَا الممدوح مَا كلفت الْإِبِل خطرا أى خطر المفاوز وَلَا رددت الناصح الذى ينْهَى عَن ركُوب المفاوز لهولها وَبعدهَا
1 / 248