142

شرح المواقف

شرح المواقف

Nau'ikan

============================================================

المرصد الرابع- في إثبات العلوم الضرورية مستقيم، ولا وجود له قطعا (والدائرة لإدارة الشعلة بسرعة) فإنها إذا أديرت بسرعة شديدة يرى هناك دائرة من النار ولا وجود لها، بلا شبهة والسبب في هذين أن البصر إذا أدرك القطرة، او الشعلة في موضع واداها إلى الحس المشترك، ثم ادركها في موضع آخر قبل ان يزول اثرها عن الحس المشترك اتصل هناك صورتها في الموضع الثاني بصورتها في الموضع الأول، فيرى كما مر ممتدا إما على الاستقامة او الاستدارة، وأيضا لما اتصل الشعاع بها في مواضع متعددة في زمان قليل جدا، كان ذلك بمنزلة اتصال الشعاع بها في تلك المواضع دفعة واحدة، فيرى لذلك خطا مستقيما، أو دائرة (و) نرى (المتحرك ساكنا وبالعكس) أي ونرى الساكن متحركا (كالظل يرى ساكنا) وسببه أن البصر إذا ادرك الشيء في موضع محاذيا لشىء بعدما أدر كه في موضع آخر محاذيا لذلك الشيء، حكمت النفس بالحركة فإذا كانت المسافة في غاية القلة لم تميز النفس بين الموضعين والمحاذاتين، وحكمت بالسكون (وهو متحرك) أبدا لأن الشمس متحركة دائما إما ارتفاعا أو انحطاطا، فلا بد أن يتحرك الظل انتقاصا أو ازديادا، فإن قيل: الظل مرتبة من مراتب النور الذي هو عرض فلا يكون متحركا، قلنا: المقصود أنه يرى على حالة واحدة ولا يحس بازدياده وانتقاصه مع آنه لا يخلو عن أحدهما قطعا (وكراكب السفينة) المتحركة (يراها ساكنة و) يرى (الشط) الساكن (متحركا)، وذلك لأنه لمالم يتبدل وضع الراكب بالنسبة إلى السفينة حسب نفسه، والسفينة ساكنين ولما تبدل محاذاته لأجزاء الشط مع تخيله السكون في نفسه، وفي السفينة حسب الشط قوله: (أن البصر الخ) يعني أن الحركة ليست بمبصرة بالذات، بل يتتزعها الوهم عن الشيء المبصر، أو الملموس بتوسط اختلاف اوضاعه بالقياس إلى غيره، فإذا كان تغير الأوضاع مستفادا من الإحساس حكمت النفس بالحركة وإلا فلا : قوله: (الظل مرتبة من مراتب الخ) فإن النور القائم بالمضيء لذاته يسمى ضوعا، والقائم بالمضيء بغيره يسى ظلا.

قوله: (المقصود أنه الخ) يعني ليس المراد بالسكون والحركة النقلة وعدمها بل التغير، وعدم التغير فالمعنى أن الظل يرى غير متغير وجودا وعدما في اجزاء ما وقع عليه، وهو في الواقع متغير بالوجود والعدم بسبب حركة الشمس، وتبدل محاذاة ما وقع عليه بها وهذا مع ظهوره قد خفي على بعض الناظرين وزل فيه قدمه.

قوله: (مع تخيله السكون الخ) لعدم تبدل الأوضاع بينهما، وأما تبدل أوضاعها بالنسبة إلى الماء فلا يحس به أيضا لتشابه اجزاء الماء، وإنما يحس التبدل بالقياس إلى الشط، فيحسبه متحركا بخلاف راكب الفرس، فإنه يحس بتبدل أوضاعه بالقياس إلى الفرس بالحركة القسرية، ويحس بتبدل اوضاع الفرس بالقياس إلى الأرض لعدم تشابه أجزائه، وإذا لو عرض له الغفلة بسبب تفكر قلبه في شيء، أو تكلف الغفلة يحسب أن الأرض متحركة إلى خلاف جهة حركة الفرس.

Shafi 142