Shahararrun Mata a Duniyar Musulmi
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Nau'ikan
ليس في مقدور كل حي أن يصل إلى درجة الكمال في الحياة؛ إذ العيش بهدوء وسكون بلا ضجيج ولا ضوضاء ميسور لكل فرد، فالمرء يستطيع أن يقضي أيام حياته على طراز واحد من الراحة والسكون.
أما العمل على إبقاء أثر ما فيتطلب جهدا وكفاءة، والخروج عن دائرة المألوف جرأة لا يقوم بها سوى الجسور.
الشرق محافظ، متمسك بأهداب القديم، وله عادات وتقاليد محبوبة، ولكنه مفرط في محبتها إلى حد إنزالها منزلة العقائد والمذاهب، فالنساء لا يتربعن على منصات الحكم في بلاد المشرق، ولا يوثق بهن إلى حد تسليم أزمة الإدارة لأيديهن، فلا تكون المرأة سوى كمية مهملة لا يعتد برأيها ولا يقام لها وزن، وقل من يعرف شيئا عن حالتها الروحية، فليس لها اليوم منزلة اجتماعية؛ ولذلك لا يكاد يوجد إنسان يسأل عن منزلتها ويتعرف أحوالها وشئونها في الأزمنة القديمة، لقد امتزجنا نحن الشرقيات امتزاجا قليلا بالمدنية الأوروبية فتمشينا في تيارها ونسينا شخصيتنا حتى صار مثلنا مثل تارك الصلاة المقيم بين جامعين،
1
علينا أن نغترف من مناهل المدنية الغربية ولكنه لا يليق بنا نحن المسلمات أن نضحي في سبيل هذا الواجب جميع الشرق وعاداته الجميلة وتقاليده الحسنة.
لنضع نصب أعيننا نحن الشرقيات ترك السفاسف، ولتفهم الواحدة منا أنها ليست لعبة أو زينة، إننا نعيش في زمن لا يتسع لأمثال هذه الصغائر، علينا أن نتفهم حياة السلف ونعمل على تخليد صحائف أعمالنا، ولتشعر الواحدة منا بالمسئولية الملقاة على عاتقها، الفرد جزء من الإنسانية ومجموع الخلق هي الإنسانية، وما نحن الشرقيات سوى قطعة منها.
أين شخصيتنا؟ لنسع في إظهارها، وكفى ما نالنا من الأذى وما أصابنا من الضرر بسبب جهلنا؟ كيف يسوغ للهلال والنجمة أن يغمرهما الظلام وتحجب الغيوم ضوءهما من النفوذ إلينا، إن أمة لها مثل هذا الزمن كان يجب أن تكون في مقدمة الأمم نورا وعرفانا.
إذا رغبنا في الحياة، إذا شئنا ألا يمحى اسمنا من صحيفة الوجود، فليس أمامنا سوى طريق السعي والعمل بنظرية تنازع البقاء بما فينا من جهد وحسن نية إلى أن نتمكن من إزالة ما علق بأذهان الأوروبيين ضدنا من الأوهام والنوايا السيئة، لو استطعنا أن نصل إلى الدرجة التي كانت عليه نساء الشرق قديما لوقفنا قليلا في سبيل تدهورنا في هوة التدني، لم تكن شجرة الدر شخصية كاملة، ولكنها استطاعت أن تظهر على مسرح الحكم والسياسة في زمن عصيب وكونت لها قصة تشتاق الآذان لسماعها، وهذا ما حدا بي إلى تصوير قصتها وشئون حياتها للقراء. •••
عندما وقع اختيار حسام الدين ورجاله عليها لتكون ملكة مصر وأميرة البلاد كانت تقطن في سراي المنيل على شاطئ النيل وفي أجمل موقع من مواقع مصر، وكانت إذ ذاك وسيمة الوجه، جذابة الملامح، يقرب عمرها من الأربعين، ذات دراية وحنكة في شئون الحكم والإدارة اشتهرت بهما منذ أيام زوجها الملك الصالح.
افتتنت بالملك وتعشقت أبهة الحكم فبنت صرح مجدها وشهرتها بيدها، ولكنا لا ننسى بجانب ذلك حبها الخير وإيثارها رفاهة الشعب وبحبوحته على كل أمر وشأن؛ فأنقصت الضرائب وغمرت المماليك بالهدايا وأغدقت عليهم المراتب والمناعم؛ إذ كان أقصى أمل لها أن تفوز بحمد الناس ومحبتهم لها.
Shafi da ba'a sani ba