ثَابت الجأش لَهُ أوراد وأذكار يدمنها بكيفية وجمعية وَله من الطّرف الآخر محبون من الْعلمَاء والصلحاء وَمن الْجند والأمراء وَمن التُّجَّار والكبراء وَسَائِر الْعَامَّة تحبه لِأَنَّهُ منتصب لنفعهم لَيْلًا وَنَهَارًا بِلِسَانِهِ وقلمه
وَأما شجاعته فِيهَا تضرب الْأَمْثَال وببعضها يتشبه أكَابِر الْأَبْطَال فَلَقَد أَقَامَهُ الله فِي نوبَة غازان والتقى أعباء الْأَمر بِنَفسِهِ وَقَامَ وَقعد وطلع وَخرج وَاجْتمعَ بِالْملكِ مرَّتَيْنِ وبخطلو شاه وببولاي وَكَانَ قبجق يتعجب من إقدامه وجرأته على المغول
وَله حِدة قَوِيَّة تعتريه فِي الْبَحْث حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْث حَرْب وَهُوَ أكبر من أَن يُنَبه مثلي على نعوته فَلَو حَلَفت بَين الرُّكْن وَالْمقَام لحلفت أَنِّي مَا رَأَيْت بعيني مثله وَلَا رأى هُوَ مثل نَفسه فِي الْعلم
وَقَالَ الذَّهَبِيّ أَيْضا وَكَانَ يَعْنِي ابْن تَيْمِية آيَة من الذكاء وَسُرْعَة الْإِدْرَاك رَأْسا فِي معرفَة الْكتاب وَالسّنة وَالِاخْتِلَاف بحرا فِي النقليات هُوَ فِي زَمَانه فريد عصره علما وزهدا وشجاعة وسخاء وأمرا بِالْمَعْرُوفِ ونهيا عَن الْمُنكر وَكَثْرَة تصانيف وَقَرَأَ وَحصل وبدع فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وتأهل للتدريس وَالْفَتْوَى وَهُوَ ابْن سبع عشرَة وَتقدم فِي علم التَّفْسِير وَالْأُصُول وَجَمِيع عُلُوم الْإِسْلَام أُصُولهَا وفروعها ودقها وجلها فَإِن ذكر التَّفْسِير فَهُوَ حَامِل لوائه وَإِن عد الْفُقَهَاء فَهُوَ مجتهدهم الْمُطلق وَإِن حضر الحفاط نطق وخرسوا وسرد وأبلسوا وَاسْتغْنى وأفلسوا وَإِن سمي المتكلمون فَهُوَ فردهم وَإِلَيْهِ مرجعهم وَإِن لَاحَ ابْن سينا يقدم
1 / 42