فقال سعيد باشا: «ليس عندي مال ربحته ظلما أو عدلا، فافعل بي ما تشاء.»
فقال المهدي: «هل تظنني رجلا مثل سائر الناس، ألا تعرف أنني المهدي المنتظر، وأن أبي قد كشف لي عن خزانتك التي أخفيتها في الحائط؟! اذهب يا أحمد واد سليمان إلى بيته ثم ادخل إلى غرفته فتجد على الحائط الأيسر قريبا من الباب مكان الأموال، فجرد الحائط من الجبس تجد أموال التركي فأحضرها إلينا.»
وكان سعيد باشا مدة غياب واد سليمان قاعدا مقطبا عابسا في جوار المهدي، وعرف أن مكان أمواله قد أفشي ولكنه كان من الكبرياء والأنفة بحيث رفض أن يصرح بأنه قد كذب، وسكت عن الكلام، وبعد دقائق عاد سليمان ومعه صندوق من التنك وضعه أمام المهدي، فلما فتحه وجده مملوءا بالذهب المجموع في أكياس، وقد عدوا فيه سبعة آلاف جنيه.
ثم قال المهدي: «يا محمد سعيد، لقد كذبت ولكني سأعفو عنك، خذ يا أحمد هذا المال وقسمه بين الفقراء والمحتاجين.»
فنهض محمد سعيد باشا وهو يقول: «إنك تدعو إلى الزهد ثم تأخذ أموالي، فافعل بها ما شئت.» ثم سار خارجا.
فقطب المهدي وقال بصوت خافت: «دا ما ينفعنا.» وبعد أيام تعلل عليه بعلة وأمر بقتله كما قتل أيضا أحمد بك ضيف الله وعلي بك شريف ويس، وهذه كانت نهاية هؤلاء الرجال الأربعة الذين دافعوا عن الأبيض، والحق أنهم كانوا جديرين بحظ أحسن من هذا.
الفصل السابع
المهدية في دارفور
لما وصلت إلى خشبة جهدت جهدي لكي أنظم قوة لمقاتلة المادبو، وكانت القبائل التي طلبتها لمعونة الحكومة قد وصلت وصار جيشي يتألف كما يأتي:
جنود نظامية ببنادق رمنجتون
Shafi da ba'a sani ba