Takobi Da Wuta A Sudan

Salatin Basha d. 1351 AH
156

Takobi Da Wuta A Sudan

السيف والنار في السودان

Nau'ikan

أجبته على الفور: «سيبحث عني رجال الخليفة بعد الانتهاء من صلاة الفجر، ولكن ثق أنهم سيبدءون أولا بالشك في فراري، ثم يعقب ذلك البحث عن الجمال التي يركبها الجنود للبحث عني، وكل ذلك يستلزم وقتا، فثق أن لدينا ما لا يقل عن أربع عشرة ساعة.»

فرد علي حامد قائلا: «ليس هذا بالشيء الكثير جدا، ولكن إذا ساعدنا الله وقوى جمالنا في مسيرها، فإن لدينا إذ ذاك أملا قويا في قطع شوط بعيد أمين.»

اضطررت عندئذ إلى إلقاء السؤال الآتي على حامد: «هل تعرف قوة جمالنا على السير؟ وهل لم تختبرها قبلا؟» فوجلت عندما أجابني قائلا: «إني في الحق لا أعرف عن تلك الجمال الثلاثة شيئا؛ لأنا اشتريناها على عجل في الوقت الذي سمعنا فيه خبر رغبتك في الفرار، ولكن الذي نثق منه هو أن الذي اشترينا منهم الجمال قوم مشهورون بأمانتهم من ناحية، وبمتانة جمالهم من الناحية الأخرى.»

ومهما يكن من شيء، فقد تابعنا فرارنا بأسرع ما نستطيع، وقد عدونا بالجمال عدوا لا نتصور في الأرض سرعة لحيوان كتلك التي قام بها جمالنا الأمناء. على أنا في الحق أشفقنا على تلك المخلوقات غير الناطقة لما انتابها من شدة وتعب، ومما خفف الأمر انبساط الأرض وسهولة تربتها، رغم ما تخللها من أكوام وحفر وبعض التلال الحجرية الصغيرة. ويمكنني التصريح دون مبالغة أنا والينا العدو دون وقوف إلى ظهر يومنا ذاك، حيث ناداني مرشدي فجأة قائلا: «قف حالا! ولنبرك جمالنا في تلك اللحظة، ولنكن سريعين في عملنا هذا.»

خضعت للأمر فوقفنا وبركت الجمال، إلا أني دهشت جدا وتولاني الفزع لوقوف الجمال، في حين أني أشاهد الجمال وجوادين في مسافة بعيدة، ولم أكن أشك في أن الأعداء قادمون للانقضاض علي وعلى المرشدين اللذين معي، فأعددت مسدسي (من طراز رمنجتون) للدفاع عن نفسي وعمن معي وقت الهجوم، وعند ذلك قلت لمن معي: «إذا كنا الآن مكشوفين أمام عيون أعدائنا فلنسر في متابعة الهروب بهدوء ونظام؛ لأن بروك جمالنا ووقوفنا متجاورين مما يبعث الشكوك والريب إلى أولئك الجنود الذين يتعقبوننا؛ وإذن ففي أية طريق هم سائرون؟»

أجابني حامد بن حسين: «إنك على حق في كل ما تقول، أما الطريق التي يسيرون فيها فهي الشمالية الغربية.»

تيقظنا بعد ذلك من غفلتنا وغيرنا طريق سيرنا فجعلناها الشمالية الشرقية، وكنا مطمئنين كثيرا وواثقين بأنا سرنا غير منظورين من أولئك المراقبين، ولكنا فزعنا جدا عندما شاهدنا على بعد ألفي متر تقريبا أحد الجنود التابعين للخليفة مسرعا امتطاء جواده ومتجها إلى ناحيتنا.

قلت لحامد بعد ذلك: «أخبرك يا حامد بأني سأسير جنبا مع زكي، فهل تستطيع إيقاف ذلك الرجل القادم إلينا وإجابته عما يلقيه من أسئلة؟ وعلى أية حال فأطلب منك أن تمنعه.»

لم يكد يصل حامد إلينا حتى قال بصوت مرتفع: «أشكر الله فضله شكرا جزيلا على نجاتك؛ فإن الرجل الذي كان يتعقبنا صديق خاص لي اسمه الشيخ موضال، وقد كان سائرا في طريقه إلى دنقلة ليحضر كميات من البلح إلى أم درمان، وقد استفسر مني الرجل عن سبب مرافقتي للرجل المصري الأبيض صاحب العينين الشبيهتين بعيني الصقر.»

عندما انتهى حامد من كلامه أجبته (المؤلف) على الفور: «ماذا كان جوابك على سؤال ذلك الشيخ؟»

Shafi da ba'a sani ba