Takobi Da Wuta A Sudan

Salatin Basha d. 1351 AH
127

Takobi Da Wuta A Sudan

السيف والنار في السودان

Nau'ikan

وأما في داخل منزله فكان بطبيعة الحال يحل الأغوات محل هؤلاء الأولاد؛ إذ - كما قدمت - ما كان يسمح لغيرهم بدخول داره.

عرضت على الخليفة منذ ثلاث سنوات فكرة من جانب مشير به الحربيين، فارتاح إليها وعزم على تنفيذها، وتتلخص هذه الفكرة في ضم أفراد من حرس الخليفة إلى صفوف الضباط في الجيش العام، ولم يكد يعلن موافقته على ذلك الرأي حتى اختار بنفسه عددا من المجاهدين البارزين في جيش محمد أحمد وزكي طومال.

لم يقف الخليفة عند هذا، بل أصدر أمره لأمراء القبائل العربية حتى يحضروا المئات من الجنود الجدد ليدمجوهم تحت ألوية ضباطه، ولكن تلك الأوامر لم تلق الطاعة الاجتماعية من ناحية الأمراء، وفي كل خطوة من خطواته التنظيمية الأخيرة كان معنيا باضطهاد الدنقليين والمصريين وإخراجهم من دائرة حرسه؛ لأنه لم يكن يثق بهم ولم يمل إليهم.

جد الخليفة في سبيل ذلك الإنشاء الحربي حتى تمكن من تكوين قوة تتراوح بين أحد عشر ألفا واثني عشر ألفا من الجند، ونظم لذلك العدد الكبير أراضي تشبه القطائع، سكنها أولئك الجنود مع نسائهم، وهي على مقربة من مساكن الخليفة ودور ابنه وفي حدود السور الحربي الجديد.

وقسمت هذه القوة الجديدة إلى ثلاث كتائب، يقودها على التتابع ابنه عثمان وأخوه هارون أبو محمد - الذي لا تزيد سنه على الثامنة عشرة - وابن عمه إبراهيم خليل. أما الثالث فلم تطل مدة قيادته كتيبته؛ حيث حل محله رجل حربي حبشي اسمه رابح، كان في حاشية الخليفة في بيته الخاص. وإنه لمما يجب ذكره أن عثمان كان موضع احترام صفوف الجيش بقسميه الأعلى والأدنى، فلقبه الجنود بمثل الخليفة.

وتنقسم كل كتيبة إلى أجزاء منتظمة، يحتوي كل منها على مائة جندي يرأسهم ضابط ويلقب برأس المائة؛ ولذلك الضابط مساعدون مدربون.

إذا عدنا لأنواع الجنود وجدنا السود منهم مندمجين في الأقسام المتفرعة من الكتائب، وهم في ذلك ليسوا الجنس العربي الحر، ولكنهم تحت رقابة الأمراء الذين يصدرون أوامرهم المطاعة لكل من الفريقين على حدة؛ لأن السود لا يخضعون للنظم العسكرية كما يخضع العرب.

وإنا لا نغالي في التقدير إذا قلنا إن جميع أولئك الجنود مسلحون ببنادق رمنجتون، ولكننا نظهر أمام الحقيقة أكثر دقة وصدقا إذا قلنا إن البنادق المذكورة محفوظة في المخازن لا في أيدي الجنود؛ حيث لا تسمح إدارة الجيش العليا بإخراج البنادق من مكانها إلا في أعياد خاصة في كل عام. أما فيما يختص بمرتب الجندي فإنه لا يتجاوز نصف ريال درويشي شهريا مضافا إليه ثمن ( ) إردب من الذرة في كل أسبوعين. وفي الحق لا يظفر الجندي بأكثر من تلك الذرة، أما نصف الريال فيكاد يكون مرتبا اسميا.

يجيء بعد ذلك ذكر مرتب كل من رأس المائة والأمير، وكل من المرتبين عال بطبيعة الحال إذا قسناه إلى مرتب الجندي. هذا إلى أن كلا منهما - رأس المائة والأمير - يظفر بمنح متتالية من النساء والعبيد الخاضعين لنفوذ الخليفة.

إذا أنعمنا النظر في مهمة الجنود والحرس وجدناها محصورة في حماية شخص الخليفة؛ وإذن أولئك جميعا مضطرون لمرافقته في جولاته الحربية على أن يحميه حرسه الخاص أيام استعراض الجيش العام. ومن العجب أن يسير ذلك الحرس في ركاب الخليفة إلى أي مكان سار وفي أية بقعة نزل؛ مما يدل على رغبته الشديدة في الاحتفاظ بحياته. ولما كان أمر الحرس كذلك اضطر الخليفة أن يقيم له ميدانا خاصا فسيحا أمام منزله ليكون لاصقا به مدى حياته.

Shafi da ba'a sani ba