وظلت لياليا لحظة وهي واقفة مترددة تعبث بأصابعها بكل شيء ثم دنت من الباب.
فقال يوري مخاطبا نفسه: «ويحي ماذا صنعت؟» وأصغى وهو مكروب إلى وقع قدميها المتعثرتين.
ومضت لياليا إلى الغرفة الثانية مترددة حزينة وأحست كأنما جمد الدم في عروقها، وكأنما هي تائهة في غابة مظلمة، فنظرت إلى مرآة ورأت في صقالها وجهها المقطب وقالت تحدث نفسها: «سيراني بهذا الوجه !»
وكان ريازانتزيف واقفا في غرفة المائدة يقول لنيقولا بصوته الحلو: «بديهي أن هذا غريب ولكنه لا بأس منه.»
فلما سمعت لياليا صوته خفق قلبها خفقا عنيفا كأنما يهم أن يتمزق وأبصرها ريازانتزيف فكف فجأة عن الكلام وتقدم، إليها وذراعاه مفتوحتان ولم يكن أحد سواها يعلم أن هذه الإشارة دليل على أنه يريد أن يحتضنها.
فرفعت إليه طرفها في حياء وارتجفت شفتاها ونزعت كفها من كفه دون أن تنبث، واجتازت الغرفة وفتحت الباب الذي يفضي إلى الشرفة وجعل ريازانتزيف يرقبها وهي تفعل ذلك، وهو هادئ غير أن به بعض الدهشة.
والتفت إلى أبيها وقال بوقار المازح: «إن لود ميللا نافرة!»
فانفجر الأب نيقولا يضحك وقال: «الأولى أن تذهب إليها وتتألفها.»
فتنهد ريازانتزيف وقال بهيئة مضحكة وهو يتبعها إلى الشرفة: «ليس ثم غير ذلك.»
وكان المطر لا يزال يهطل وفي الجو صوت قطراته المتساقطة المملة، ولكن السماء كانت أصفى والسحب متقطعة. وكانت لياليا واقفة وخدها إلى أحد عمدان الشرفة والمطر يضرب يدها العارية وشعرها مبتل.
Shafi da ba'a sani ba