تجدك) (1) إلا في عرصة المقابر ، فاستأنف سيرة تسلم بها من سلطانك ، وتحمد عليها عند أخوانك ، وإياك أن تجعل نفسك عظة لغيرك بعد أن كان عظة لك. ولولا أن الأخذ بالجريرة الأولى مخالف للسيرة المثلى لكان ما تراه تود لو أنك تسمعه قبل أن تراه.
فإنك يا عبيد الله إذا فعلت ذلك فقد بالغت في العقوبة (وملكت طرفي المصلحة) (2) وقمت على سواء السياسة ، ونجوت من الجور والمأثم في العاقبة.
قال : وفارق الوزير حضرة الخليفة ، وعمل بما أمره به على الوجه اللطيف ، فعاد الأمر يرف بالسلامة العامة ، والعافية التامة.
وتقدم إلى الشيخ الصيدلاني برفع حال من يقعد عنده حتى يؤاسى إن كان محتاجا ، أو يصرف إن كان متعطلا ، أو ينصح إن كان غفلا.
وهذا من أجل الكرم والحلم ، وأعظم التدبير والحزم.
وفسر عكرمة (3) قوله عز وجل ( وسيدا وحصورا ) (4) بأن السيد هو الذي يغلب غضبه حلمه ، وجهله علمه. ولما نزل قوله تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) (5) قال جبرئيل (ع): يا محمد ، هو أن تحلم عمن شتمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك.
وكان الواثق في الخلفاء من المشتهرين بالحلم ، المنتشر ذكرهم بالعفو وكظم الغيظ.
Shafi 64