فضلاء العصر حيث يقول :
إن الدراهم مرهم
قد جاء في تصحيفها
ثم سرنا ليالي وأياما نلاطم تلك الأمواج لطاما حتى وافينا جزيرة (كمران) بفتح الأحرف الثلاثة (1) وهي جزيرة محيط بها البحر ، إلا أن ماءها في غاية العذوبة ، وبها مسجد عظيم ، وأشجار وفواكه ، وإليها ينسب الملح الكمراني الذي لا يوجد مثله في غيرها ، وهو لا يستعمل إلا دواء لشدة ملوحته ، ينفع لأمراض كثيرة ، ولا يدانيه شيء من أقسام الملح في نقاوته وصلابته. وفيها مدفن الشيخ الكبير الشهير محمد بن (عبد ربه) (2) المشهور بالورع والزهد ، وضريحه بها من المزارات المشهورة. قال اليافعي : تفقه على الشيخ أبي اسحاق الشيرازي في بغداد بكتاب المهذب ، وهو أول من دخل به إلى اليمن. وقال ابن سمرة : كانت النواخيذ (3) وأهل الجلالات يأتون للسلام عليه ، ويقبلون رأسه وهو قاعد ، وكان كثير الزهد والورع متحريا في المطعم ، لا يأكل إلا الأرز من بلاد الهند ، وكان عبيده يسافرون إلى الحبشة والهند ومكة للتجارة ، فحصلت له أموال ، فكان ينفق على الطلبة منها. وله تصنيف في أصول الفقه سماه الإرشاد ، وارتحل إليه خلائق من فقهاء اليمن من بلدان شتى لعلمه وجوده. وكان له ولد عالم بعلم الكلام والأصول ، مع تبريز في الفقه يسمى عبد الله تفقه بأبيه ومات قبله في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ، ودفن بالجزيرة المذكورة ، فرثاه بعض فقهاء اليمن بقصيدة طويلة يقول في بعضها :
أمن بعد عبد الله نجل محمد
يصون دموع العين من كان مسلما
Shafi 58