قال الشيخ محمد المسعودي: قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى: صحبة الأحداث أقوى حبائل الشيطان التي يصيد بها، وقد كان السلف الصالح يبالغون في الإعراض عن المُرْدِ، ولهذا روى مجاهد عن الشعبي قال: " قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ، وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة، فأقامه النبي ﷺ من بين يده، فأجلسه وراء ظهره "، فأبعده عن نظره، وليس هذا مما يفعله طائفة من فقراء البوادي، يجلسون الشباب خلف أظهرهم دائمًا على طريق العشرة والمخالطة - نعوذ بالله من ذلك - ومن فعل ذلك فقد ابتدع. إخواني إذا كان سيد البشر يحذر من النظر إلى الأمرد هذا الحذر، فما ظنك بأهل هذا الزمان في الخطرة قلوب مملوءة بالشهوات، وأبدان تغتذي بالشبهات والمحرمات، هل الفتنة فيها إلا أسرع من وقوع الذباب في العسل، وهل ينازع في ذلك إلا مَنْ في عقله خبل، فنسأل الله العافية. وقال أبو بكر محمد بن موسى الواسطي: " إذا أراد الله هوان عبد ألقاه إلى هذا الجيف " يريد بذلك تعلق القلب. وقال أبو الفرج: قال ابن المبارك: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح الوجه فقال: " أخرجوه أخرجوه فإني أرى مع كل امرأة شيطان، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانًا ". وقال رسول الله ﷺ: " لا تجالسوا أبناء الملوك، فإن الأنفس تشتاق إليهم مالا تشتاق إلى الجواري العِتاق ". وعن أبي هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ: " لا تملئوا أعينكم من أبناء الملوك، فإن لهم فتنة أشد من العذارى ".
فصل
فيما ينبغي أن يكون عليه الصبي
ينبغي أن يكون الصبي كثير الحياء، قليل المخالطة للأجانب. وقال وهب بن منبه: إذا كان في الصبي خصلتان: الحياء، والرهبة رجي خيره. وقال عمر بن الخطاب: " ما أنا أخاف على عالم من سبعٍ ضارٍ، بأخوف عليه من غلام أمرد ". وقال الحسن بن ذكوان: " لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورًا كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى ". وقال بعضهم: " الحوادث كلها من النظر ". وقال أبو علي الروزباري ﵀: قال لي أحمد المؤدب ﵀: قد رأينا من كان أقوى إيمانا من الصوفية، وإذا رأى الحدث قد أقبل يفر منه كفراره من الأسد!
فصل
في الخصال التي يجوز النظر إلى النساء وسماع صوتهن
الخصال المجيزة للنظر:
اعلم أن النظر إلى النساء عامدًا لا يجوز إلا بأربع خصال: عند إرادة التزويج، وعند الشهادة عليها، وإذا كن ذات محرم له مثل الأم، والأخت والخالة، والعمة، ونظر الزوج إلى الزوجة.
متى يجوز سماع صوتها:
ولا يجوز سماع صوتها إلا عند أشياء: في البيع، والشراء، والاستفتاء، والمحاكمة، والشهادة، والرواية.
حكم نظر الرجل إلى المرأة:
وقال الشيخ تقي الدين بن الحصني: ونظر الرحل إلى الأجنبية على سبعة أضرب: إحداها نظرة إلى أجنبية لغير حاجة، فهو غير جائز للرجال البالغ من الذكور، وكذا المرأة. وهي البالغة من الإناث، ثم إن النظر لا تدعو إليه الحاجة، وقد تدعو إليه الحاجة.
الضرب الأول: أن لا تمس إليه الحاجة وحينئذ فحرم نظر الرجل إلى عورة الأمة إن خاف فتنة، فإذا لم يخف فتنة خلاف الصحيح، التحريم قاله الاصطخري وأبو علي الطبري واختاره الشيخ أبو محمد، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والروياني ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج، وبأن النظر مَظِنّة الفتنة، وهو محرك الشهوة فالأليق بمحاسن الشرع سد هذا الباب، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كما تحرم الخلوة بالأجنبية، ويحتج له بعموم قوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِيْنَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) .
حكم نظر المراهق:
1 / 10