Yarinyar Tehran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Nau'ikan
سألتني هل تحتفل عائلتي بأعياد الميلاد، فأخبرتها أن والدي كانا يحضران لي كعكة وهدية صغيرة، لكنها أخبرتني أن أعياد الميلاد تحظى بأهمية بالغة لدى عائلتها، فقد كانوا يقيمون حفلات كبرى ويغدقون الهدايا بعضهم على بعض. كانت تتنافس هي وشقيقاتها في حياكة الثياب بعضهن لبعض، وفي كل عام تزداد الثياب أناقة.
قالت لي: «مارينا، إنني أفتقدهم.»
فطوقتها بذراعي، وقلت لها: «سوف تعودين إلى المنزل، وسوف يعود كل شيء كما كان.»
وبعد الغداء أحاطت بي ترانه وسارة وبعض صديقاتنا الأخريات، وأعطتني سارة قطعة مطوية من القماش. فتحتها فوجدت غطاء وسادة مطرزا، شهقت لرؤيته إذ كان جميلا. تبرعت كل واحدة من صديقاتي بقطعة صغيرة من ملابسهن أو أغطية رءوسهن لصنعه. تعرفت على كل مربع فيه. كان من عادتنا في السجن أن نصنع حقائب صغيرة مخيطة تعلق في خطاف تحت الرف بالغرفة كي نخزن فيها متعلقاتنا الشخصية الصغيرة، وكنت أنا أول من تحصل على غطاء وسادة.
وبعد العشاء أعددنا كعكة عيد الميلاد من الخبز والتمر، وتظاهرت بإطفاء شموع وهمية.
قالت ترانه: «نسيت الأمنية!» - «سأتمناها الآن: أتمنى أن تحتفل كل منا بعيد ميلادها القادم في منزلها.»
صفق الجميع وهللن.
بعد يومين أو ثلاثة أعلن في مكبر الصوت أن على كل سجينات الطابق الثاني من مبنى «246» ارتداء الحجاب والتجمع في الساحة. ومع أننا كنا نستطيع الخروج في أوقات محددة من اليوم، فإن ذلك لم يكن إجباريا قط، وهو ما جعل الجميع يشعرن بالقلق. عندما وصلنا إلى الساحة أمرنا بالوقوف بعيدا عن منطقة محددة في المنتصف. خرج أربعة من الحرس الثوري من المبنى يرافقون فتاتين، إحداهما كانت رفيقتنا في الغرفة في التاسعة عشرة من عمرها، أما الأخرى فمن الغرفة رقم «5»، وكلاهما ترتدي الشادور. طلب منهما الاستلقاء على الأرض في منتصف الساحة، وقيد أحد الحرس أيديهما وأقدامهما بالحبال، ثم أعلن أنهما مارستا الشذوذ، ولذلك ستعاقبان طبقا للشريعة الإسلامية. شعر الجميع بالذعر، وشاهدنا اثنين من الحرس يجلدان ظهر الفتاتين. لم تستطع الكثيرات منا رؤية هذا المشهد، فغطين وجوههن بأيديهن وأخذن يدعين، لكني لم أغمض عيني، بل ظللت أشاهد السياط وهي ترتفع وتشق الهواء بصوتها الحاد الثاقب، ثم تأتي لحظة من الصمت يتوقف فيها قلب المرء وترفض الرئتان التنفس. لم تكن الفتاتان تصرخان، غير أني وددت لو صرختا. كان جسداهما الضئيلان يهتزان مع كل ضربة سوط. تذكرت الألم الرهيب الذي شعرت به عندما تعرضت للجلد بالسياط. وبعد ثلاثين ضربة سوط، حل وثاقهما واقتيدتا بعيدا بعد أن تمكنتا من الوقوف، وتركنا نحن لنفكر فيما حدث لرفيقتينا. من المفترض أن تزيدنا المعاناة قوة، لكن علينا أن ندفع الثمن أولا.
ذات يوم جاء دوري كي أساعد شيدا في غسل ملابسها، ولم يكن غسل الحفاضات القماشية بالماء البارد مهمة يسيرة. غسلنا الحفاضات في الصباح وتركناها معلقة لتجف في الساحة، ومع أنه كان على الجميع الانتظار حتى اليوم التالي كي يجمعن الغسيل الجاف، كانت شيدا الوحيدة المسموح لها بالخروج في المساء. تقدمتني ببضع خطوات، وكان الجو ربيعيا والطيور تغرد من بعيد، والشمس غربت لتوها، واصطبغت السماء باللون الوردي. كانت حبال الغسيل الخمسة في نهاية الساحة، وكل منها مربوط في قضبان نوافذ الطابق الأول، وتمتد من جهة إلى أخرى في الساحة، وكانت مغطاة بملابس متعددة الألوان. اختفت شيدا خلف صفوف الملابس، واتبعتها محاولة شق طريقي بذراعي بين السراويل والتنانير والقمصان والشادورات، وفجأة سمعتها تصرخ. - «مارينا! أسرعي، أحضري مقصا! أسرعي! الآن!»
لمحت شيدا تحمل شخصا يتدلى من بين قضبان إحدى النوافذ، فجريت إلى حجرة المكتب وقرعت الباب بقوة، ففتحت الأخت مريم. - «مقص! الآن! في الساحة!»
Shafi da ba'a sani ba