Yarinyar Tehran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Nau'ikan
أخبرني أرام أنه لا يعرف. كان أراش قد خرج في صباح اليوم السابق، ومن المفترض أن يعود لتناول العشاء، لكنه لم يعد. اتصل والداه بكل من يعرفونه، لكنهما لم يجدا أحدا يدلهما على مكانه. كانت هناك مظاهرة احتجاجية حاشدة ضد الشاه في ذلك اليوم في ميدان «جاله»، نظمها مؤيدو الخميني، وأطلق الجيش النار على المتظاهرين مما أدى إلى إصابة الكثيرين. أحد أصدقاء أراش أخبر والده أنه ذهب مع أراش إلى ميدان «جاله» لكنهما افترقا هناك. اتصل والدا أراش بجميع مستشفيات طهران، بل إن والده ذهب إلى «إيفين»، لكنه لم يتمكن من العثور عليه. «السجناء السياسيون يتعرضون لأنواع وحشية من التعذيب في السجن؛ سماعها وحده يصيبك بالغثيان.» أبعدت تلك الفكرة عن ذهني، وحصلت على وعد من أرام بأن يتصل بي فور أن تصله أي أنباء.
شعرت بمسافة قاسية باردة بيني وبيني الغرفة التي أقف فيها، وكأن الحياة ذاتها قد دفعتني بعيدا. بدت الأصوات المكتومة للسيارات وهي تسير في الطريق غريبة غير مألوفة. كنت أعرف ذلك الألم؛ إنه الحزن. •••
في صباح اليوم التالي قرعت جرس منزل أراش، وانتظرت. فتح أرام الباب. تعانقنا طويلا، ثم فتحت عيني لأجد إيرينا تحدق إلينا. كان علي أن أتحلى بالقوة، فتركت أرام وعانقت إيرينا، ثم ساعدتها في السير إلى غرفة المعيشة والجلوس على الأريكة. دخل والد أراش وعرفني أرام به. كان أراش يشبه والده تماما.
قال لي والد أراش: «شكرا لمجيئك. أخبرني أراش بكل شيء عنك. كنت أتمنى أن ألقاك في ظروف أفضل من هذه.»
جلست بجوار إيرينا وأمسكت يديها وهي تبكي، ثم دخلت والدة أراش فنهضت وقبلتها. كان وجهها باردا وعيناها منتفختين. رأيت صورا عائلية في كل مكان. لم أكن أملك أي صور تجمعني بأراش.
طلبت من أرام أن يريني غرفة شقيقه. كانت بسيطة للغاية بلا صور أو ملصقات على الجدران. رأيت صندوق نايه الأسود على المكتب، وبجواره علبة مجوهرات بيضاء صغيرة أخذها أرام وأعطاها لي.
قال: «لقد اشترى هذه لك منذ بضعة أيام.»
فتحت العلبة فوجدت عقدا ذهبيا جميلا بها، فأغلقتها مرة أخرى، وأعدتها مكانها على المكتب.
قال أرام وهو يناولني ورقة: «وجدت خطابا في درج مكتبه. لم أكن أقصد التطفل على خصوصياته، ولكن كان علي أن أبحث عن أي شيء يدلنا على مكانه.» تعرفت على خط أراش، وكان الخطاب موجها إلى والديه وجدته وشقيقه ولي، وكتب في الخطاب أنه مقتنع بضرورة الدفاع عما يعتقد أنه صواب، وأن عليه فعل شيء من أجل التصدي للشر، وأوضح أنه يساند الثورة الإسلامية ضد الشاه بكل ما أوتي من قوة، وأنه مدرك تماما أنه متورط في أمر خطير. وكتب أيضا أنه لم يكن شجاعا من قبل قط، لكنه يشعر الآن بضرورة تنحية خوفه جانبا، وأنه يدرك أنه قد يفقد حياته دفاعا عن معتقداته. وفي النهاية ذكر أن قراءة هذا الخطاب تعني أنه غالبا قد مات، وطلب منا السماح والمعذرة لأنه تسبب لنا في الشعور بالألم.
نظرت إلى أرام، فقال لي: «لم يكن والداي على علم بتورطه في تلك الثورة اللعينة، لكني كنت أعلم، وحاولت أن أثنيه عن عزمه، غير أنك تعرفينه جيدا؛ فهو لا يستمع إلى قط، فأنا الشقيق الأصغر الذي لا يعلم أي شيء.»
Shafi da ba'a sani ba