وإذا احتبى قَرَبُوسُهُ بعِنانِهِ عَلَكَ الشّكِيمَ إلى انصِرافِ الزائِرِ يحتملُ الإسكانَ على الإضمارِ في (متفاعلن) إلاَّ أنْ يثبتَ التحريك بالفتحِ على التمامِ.
١٧ - ومن ذلك قولُهُم: (قَرَّ) اللهُ عَيْنَكَ. والصوابُ: أَقَرَّ، بالهمزة. وعليه اقتصرَ صاحبُ القاموسِ (٤٤) . والمعنى: أَبّرَدَ اللهُ دَمْعَتَكَ، لأَنَّ دَمْعَةَ السرورِ باردةٌ، ودَمْعَةَ الحُزْنِ حارَّةٌ. وأَقَرَّ مُشْتَقٌّ من القَرورِ، وهو الماءُ البارِدُ (٤٥) . هكذا قالَ الأَصمعيّ (٤٦) . قالَ صاحبُ الفاخِرِ، وهو المُفَضَّلُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عاصِمٍ (٤٧) صاحِبُ أبي زكريا يحيى الفَرَّاء (٤٨): وقالَ غيرُ الأصمعيّ: معنى (أَقَرَّ اللهُ عَيْنَكَ) أي صادَفْتَ ما يُرْضيكَ فتقرّ عينُك من النَظَرِ إلى غيرِه. هذا ما نَقَلَهُ عن غيرِ الأصمعيّ. وعلى ما مَرَّ عن الأصمعيّ اعتمدَ بعضُ فُقَهائِنا في مسألةِ بكاءِ البكرِ البالغةِ عندَ الاستئذانِ على نكاحِها فقالَ: إنْ كانَ دَمْعُها بارِدًا فدليلُ الرضَى، أو حارًّا فدليلُ خِلافِهِ. وبالجملةِ فقَرَّ المتعدي خَطَأٌ، وأمّا اللازمُ نحو: قَرَّتْ عَيْنُكَ فصوابٌ.
_________
(٤٤) القاموس ٢ / ١١٥.
(٤٥) ينظر: أمثال أبي عكرمة ١٠٦، الفاخر ٦ والزاهر ١ / ٣٠٠ وفيهما قول الأصمعي.
(٤٦) هو عبد الملك بن قريب، ت ٢١٦ هـ. (مراتب النحويين ٤٦، الجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٣٦٣، غاية النهاية ١ / ٤٧٠.
(٤٧) توفي سنة ٢٩١ هـ. (تاريخ بغداد ١٣ / ١٢٤، نور القبس ٣٣٩، طبقات المفسرين ٢ / ٣٢٠) .
(٤٨) توفي سنة ٢٠٧ هـ. (طبقات النحويين واللغويين ١٣١، تاريخ بغداد ١٤ / ١٤٩) .
1 / 31