175

Sahih Al-Athar wa Jameel Al-Ibar min Seerat Khair Al-Bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Mai Buga Littafi

مكتبة روائع المملكة

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Inda aka buga

جدة

Nau'ikan

وذلك بعد ستة عشر شهرًا من مقدمه المدينة وقبل وقعة بدر بشهرين (١).
قال محمَّد بن كعب القرظي: ما خالف نبيٌّ نبيًّا قطّ في قبلة، ولا في سُنَّة إِلَّا أنّ رسول الله ﷺ استقبل بيت المقدس حين قدم المدينة ستة عشر شهرًا. ثم قرأ: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ... الآية﴾ (٢).
وكان لله في جعل القبلة إِلى بيت المقدس، ثم تحويلها إِلى الكعبة، حِكَمٌ عظيمة، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين.
فأمّا المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ... الآية﴾ (٣) وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم.
وأمّا المشركون، فقالوا: كما رجع إِلى قبلتنا (أي الكعبة)؛ يوشك أن يرجع إِلى ديننا، وما رجع إِليها إِلَّا أنّه الحقّ.
وأمّا اليهود؛ فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيَّا لكان يصلي إِلى قبلة الأنبياء. وأمّا المنافقون؛ فقالوا: ما يدري محمَّد أين يتوجّه، إِن كانت الأولى حقَّا فقد تركها، وإِن كانت الثانية هي الحق؛ فقد كان على باطل.
وكثرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى.: ﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾ (٤)، وكانت محنة من الله امتحن بها عباده، ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه (٥).

(١) ابن القيم، زاد المعاد ٣/ ٦٦. وعند ابن اسحاق (ابن هشام) ٢/ ٢٢٧: أنها في رجب على رأس سبعة عشر شهرا. وهي موافقة لرواية مسلم في الصحيح عن البراء من طريق أبي الأحوص ح ٥٢٥.
(٢) سورة الشورى، آية ١٣. وانظر ابن سعد، المصدر السابق ١/ ٢٤٣.
(٣) سورة آل عمران، آية ٧.
(٤) سورة البقرة، آية ١٤٣.
(٥) ابن القيم، زاد المعاد ٣/ ٦٦ - ٦٧.

1 / 179