110

Sahih Al-Athar wa Jameel Al-Ibar min Seerat Khair Al-Bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Mai Buga Littafi

مكتبة روائع المملكة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Inda aka buga

جدة

Nau'ikan

ولقد كان هذا الصبر من الصحابة رضوان الله عليهم نتاج تربية النبيّ ﷺ لهم، يقول خباب ابن الأرت ﵁: شكونا إِلى رسول الله ﷺ وهو متوسد ببردة له في ظلّ الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيُجعَل فمِها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيُجعَل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصدّه ذلك عن دينه، والله ليتمّنّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ في صنعاء إِلى حضرموت لا يخاف إِلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" (١).
فضرب الصحابة رضوان الله عليهم هذه النماذج العالية في الصبر والتضحية بأنفسهم في سبيل هذا الدين، يتحملون أنواع الأذى ليظهر الله دينه، فرفع الله منزلتهم في الدنيا والآخرة.
وقد أقرّ النبيُّ ﷺ الرخصة في اتّقاء عذاب المشركين بإظهار ما يريدون منهم، فقال لعمّار بن ياسر الذي ما تركه المشركون حتى نال من النبيّ ﷺ: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإِسلام. قال:"فإِن عادوا فعُدْ" (٢).
فلما اشتد البلاءُ وضاقت أرض مكة على المؤمنين أذن الله ﷾ في الهجرة إِلى أرض الحبشة، وقال رسول الله ﷺ: إِن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه" (٣).

(١) أخرجه البخاري ح (٦٩٤٣).
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٤/ ١٨٢) في تفسير قوله تعالى ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦].
(٣) ابن إسحاق، السيرة والمغازي (رواية يونس بن بكير) ص ١٩٤. بإسناد صحيح، وانظر: سليمان السعود، أحاديث الهجرة ص ٢٢.

1 / 113