Zaɓin Zabura
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Nau'ikan
وثالثها: أن ذلك يتضمن معنى الإجماع.
ورابعها: أن إجماعهم حجة.
فأما الذي يدل على الأول: وهو أن الصحابة اختلفوا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسائل لم يوجد فيها نص.
فأما أنه لم يوجد فيها نص: فلأنه لو وجد لاحتج به بعضهم على بعض، وكان النص يرفع الخلاف، فلما لم يوجد اختلفوا.
وأما أنهم اختلفوا: فذلك معلوم لجميع أهل العلم من حالهم؛ لأنهم لما سئلوا عن الجد مع الأخ قال علي عليه السلام لزيد بن ثابت: (يقتسمان المال نصفين)، وقال أبو بكر وابن عباس: (المال للجد دون الأخ).
وأما الذي يدل على الثاني: وهو أنهم سلكوا في ذلك طريقة القياس؛ فلأنهم سلكوا فيه مسلك التعليل وإجراء الحكم على ما وجدت فيه علة الأصل، وذلك ظاهر لأن عليا عليه السلام شبه الجد والأخ بجدولي نهر وغصني شجرة، وذلك لاستوائهما في التعصيب؛ لأن الجد بينه وبين الميت الابن والأخ بينه وبين الميت الأب؛ فالأخ ابن ابنه والجد أبو أبيه أعني الميت، وهذه طريقة القياس والإجتهاد على أوفر الوجوه.
ومن جعل المال للجد دون الأخ جعله بمنزلة ابن الابن، وابن الابن يحوز المال على الأخ؛ لأنه ابن أبيه.
قال: فإذا حازه ابن الابن وبينه وبينه درجة فيما سفل جاز أن يحوزه الجد وبينه وبينه درجة فيما علا، فهذه طريقة القياس والإجتهاد.
وأما أن من لم يعلم بها رضيها؛ فلأنه لم يعلم من أحد منهم نكير على من سلكها، ولا كان للسكوت وجه يصرف إليه سوى الرضى؛ لأن الظاهر من أمرهم المراجعة في مسائل الشريعة وقبول بعضهم من بعض، وإنكار من لم يرض من ذلك أمرا على من رضيه حتى المخدرات لشياع العلم منهم وقبولهم له ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيما فيما يخص الشريعة، فعلمنا أن سكوت من سكت دلالة على الرضا.
Shafi 299