Zaɓin Zabura
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Nau'ikan
أما أنه نبه على ذلك: فظاهر الخبرين يقضي به؛ لأنه شبه تقبيل الصائم بغير إفضاء إلى قضاء وطره من الجماع بالمضمضة بالماء، ولا يفضي إلى بلوغ غرضه من الشرب، وإذا كانت المضمضة والحال هذه لا تفطر فكذلك القبلة، وهذا هو معنى القياس، وكذلك شبه دين الله سبحانه بدين العباد في خبر الخثعمية، فإذا وجب قضاء دين العباد عليها لحرمة الولادة، فوجوب قضاء دين الله أولى، والحكم فيه ألزم، وهذه الأخبار كما ترى محض القياس، فلولا أن استعماله واجب لما أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أمر به، فثبت أنه واجب، وهذه الأخبار وإن لم تبلغ درجة خبر معاذ في الإستفاضة والتواتر؛ فإن كثرتها وإتيانها من طرق شتى يوجب قوتها ويقضي بوجوب العمل عليها لما قد تقرر من خبر معاذ، فهي كالجاذبة إليه والرافدة له.
وقد كان شيخنا رحمه الله تعالى يقول: وإن كانت هذه الأخبار غير معلومة فإن القياس والإجتهاد من باب الأعمال والإعتماد على خبر الآحاد واجب في باب الأعمال كما قدمنا، ثم تفرع الكلام فيه إلا أن هذا القول يمكن اعتراضه بأن القياس والإجتهاد من أصول الشريعة وأركانها المهمة، ولا يجوز إثبات أصول الشريعة بأخبار الآحاد كما نعلمه في الصلاة والصوم وسائر الأركان دائما يجب العمل بأخبار الآحاد فيما قد تقرر أصله بطريقة معلومة فهذه دلالة السنة.
وأما دلالة الإجماع: فلأن الصحابة لما اختلفت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسائل لم يوجد فيها نص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلكوا طريقة القياس والإجتهاد، فكانوا بين سالك لها وبين راض بها، وذلك يتضمن معنى الإجماع، وإجماعهم حجة، وهذه الدلالة تنبني على أصول:
أحدها: أن الصحابة اختلفوا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسائل لم يوجد فيها نص.
وثانيها: أنهم كانوا بين سالك طريقة الإجتهاد وبين راض بها.
Shafi 298