ولكن رأينا في الكثير من لفق السطور بزخارف الأساطير فضلا عن أن كتبهم خلت من ذكر غالب أكابر الفضلاء، وأماثل النبلاء، وأهملتهم وهم أجل قدرا من أن لا يعرفوا، وحاشاهم أن يكونوا نكرة فيعرفوا، وكم انبعثت في النفوس لواعج الشوق للوقوف على أسماء هؤلاء السادة الأعلام ورؤية رسومهم ومحاسنهم، ومعرفة أحوالهم وطرف أنسابهم وتدرجهم في مدارج الكمال فلم تصل إلى بغيتها بعد الكد والعناء.
وقد عن لي أن أستدرك هذا التقصير بوضع كتاب يشمل على محاسن أهل هذا العصر: يزري بيتيمة الدهر وسلافة العصر؛ لتدوين هذه المفاخر وجمع شوارد هذه المآثر، والغرر الزاهية التي تستنير بها حنادس الليل، والدرر الساطعة التي تجسد بهجتها الثريا وسهيل؛ لتكون رسائل تسفر لمن يأتي بعد عن أخبار بدور المجد، وكواكب السعد، ويحق له أن يتمثل:
فاتني أن أرى الكرام بعيني
فلعلي أرى الكرام بسمعي
وقد اعتمدت على العناية الصمدانية، مستنيرا بنور الهداية الربانية، وسامرت الليل
إحدى قاعات الاستقبال بقصر عابدين العامر.
مكتب جلالة الملك بقصر عابدين العامر. ، وشمرت الذيل، ووجهت الهمة نحو هذه المهمة، وعاهدت اليراع، أن يتمسك بالحقائق فيما يكتب لتكون منه شهادة النطق بصحة الواقع؛ لأن الصدق والأمانة، من لوازم صفات المؤرخ، كما أن من شروطه إمعان النظر والتثبت، وأن يتجرد عن الغرض، حتى لا يبيع الجواهر بالعرض، وسميت مؤلفي هذا: «صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر».
فجاء بمعونة الله تعالى مملوءا بالفضل دون الفضول لترتاح إليه النفوس، وتشحذ به العقول، وتتلقاه الخواطر بالترحاب والقبول، وقد توخينا كل سيرة، طاهرة السريرة تزيد للناشئة نشاطها، وتجدد لها اغتباطها، وتكون لتلك المأثرة تذكرة ولأولي الألباب في المستقبل تبصرة.
ومن درى أخبار من قبله
أضاف أعمارا إلى عمره
Shafi da ba'a sani ba