266

Safwat Azal

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Nau'ikan

ترجمة حضرة صاحب العزة الإداري المفضال إسكندر بك مسيحه

مقدمة للمؤرخ

جزى الله العاملين المخلصين لخير البلاد ونفع العباد خيرا، وأثابهم على جلائل خدماتهم ومجهوداتهم الطيبة ثوابا عظيما، فإن أولئك الذين يراعون حقوق المظلومين ويقضون على الظالمين بالعدل، ويضحون في سبيل تخفيف آلام البائسين والبائسات شطرا عظيما من راحتهم لهم المقربون عند الله تعالى، وإننا نرى في تاريخ حضرة صاحب الترجمة مثلا حيا لمن يريد التقرب نحو عزته الإلهية، فقد قدم لبلاده بوجه عام ولطائفته بوجه خاص خدما جليلة دلت على عدله ونزاهته، وسمو تربيته ومكانته الإدارية، مما أرضى الله والناس أجمع، واستوجب كل شكر وثناء مواطنيه الكرام، الذين عرفوا فيه الصفات الممتازة والخصال النبيلة، التي قل أن توجد في كثير من العظماء، فمن المميزات الخاصة التي امتاز بها حضرة صاحب العزة إسكندر بك مسيحه صاحب هذه الترجمة نبوغه في الشؤون المالية والإدارية مما أعجب كبار الممولين من مصريين وأجانب ومما دعا لانتخابه عضوا لمجلس إدارة بنك مصر، ذاك البنك الذي مع حداثة تأسيسه وصل بفضل أعضائه ومؤسسيه إلى مصاف المصارف الكبرى، من حيث حسن الإدارة والكفاءة العلمية والعملية وثقة الشعب المصري برجاله العاملين المفكرين.

حضرة صاحب العزة الإداري المفضال إسكندر بك مسيحه مدير إدارة بطريكخانة الأقباط الأرثوذكس والعضو بمجلس إدارة بنك مصر.

مولده ونشأته

هو نجل المرحوم مسيحه أفندي حنا من رؤساء إدارات وزارة المالية سابقا. ولد صاحب الترجمة في 17 ذي القعدة سنة 1280ه، وتعهده والده بالتربية العالية، وفي 21 برمودة سنة 1591 قبطية انتظم في سلك الوظائف الحكومية بوزارة المالية، ثم عين بدائرة بلدية مصر في 11 سبتمبر سنة 1875 ميلادية، ثم أعيد لوزارة المالية للمرة الثانية في 16 أكتوبر سنة 1881م، ومكث بها حتى يوم 3 ديسمبر سنة 1915 حيث قدم استقالته بعد أن اشتغل باستمرار مدة أربعة وثلاثين عاما في وظائف عدة في تلك الوزارة كان ختامها رئيسا لإدارة الخزينة العمومية، وكان محافظا في كل أدوار حياته على استقالته بعد أن اشتغل باستمرار مدة أربعة وثلاثين عاما في وظائف عدة في تلك الوزارة كان ختامها رئيسا لإدارة الخزينة العمومية، وكان محافظا في كل أدوار حياته على استقلاله وكرامته الشخصية، كما كان مثالا للجد والنزاهة؛ ولذلك أنعم عليه بالرتبة الرابعة في 23 ذي القعدة سنة 1324 وبالرتبة الثالثة في 4 جمادى الآخرة سنة 1328ه، وبنشان النيل من الطبقة الرابعة في 29 جمادى الثاني سنة 1334ه.

وبما أن الديوان البطريريكي للأقباط الأرثوذكس كان قد وصل في ذاك الحين الى حالة سيئة، سواء من الوجهة المالية أو الإدارية فقد وقع اختيار المجلس الملي العام بموافقة غبطة البطريرك المعظم على صاحب هذه الترجمة؛ ليكون مديرا عاما لإدارة هذا الديوان، وإصلاح ما اختل به من شؤونه، وفعلا أصدر المجلس قرارا بتاريخ 2 نوفمبر سنة 1916، وقد وقع هذا الاختيار موقع السرور في قلوب الطائفة القبطية الأرثوذكسية نظرا لما لعزته من المقدرة والكفاءة والخبرة التامة في مثل هاته الشؤون، ومع أن استقالته من الوظائف الحكومية كان أساسها الرغبة في الاستراحة من عناء الأعمال، إلا أن صاحب الترجمة لم ير مناصا من تلبية هذا الطلب والقيام بأعمال هذا المنصب رغما عما يستلزمه من المجهودات، وذلك حبا في الخير العام، وفي الواقع قد حقق الآمال التي كانت مرجوة من إسناد هذا المركز إليه، فإنه بفضل مجهوداته تحسنت حالة مالية البطريكخانة تحسنا واضحا، وانتظمت أعمالها الإدارية فانقطعت أسباب الشكوى التي كان يبديها على الدوام أصحاب الأعمال، وذلك بما أدخله من الأنظمة الحديثة على كل فروع أقلام الديوان؛ لذلك شكره المجلس الملي العام وغبطة البطريرك على هذه الخدمات الجليلة.

ولظروف حالت دون استمراره في المجهودات الإصلاحية، التي كان أخذ على عاتقه القيام بها قدم استقالته، فسعى المجلس لعدوله عن هذه الاستقالة غير أن صاحب الترجمة صمم عليها، فاضطر المجلس إلى قبولها، وأرسل إليه بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1919 جواب شكر على ما قام به من الأعمال الجليلة.

بعد ذلك انتخبه المؤسسون لشركة مساهمة بنك مصر ، التي صدر المرسوم السلطاني بتاريخ 3 أبريل سنة 1920 باعتمادها؛ ليكون عضوا في مجلس إدارة هذا البنك الذي خطا خطوات واسعة في سبيل النجاح والنماء، وقد حدث بعد استقالة صاحب الترجمة من أعمال الديوان البطريريكي أن رأي المجلس المللي العام بموافقة غبطة البطريرك، أن الحالة ماسة إلى إعادته مديرا لأعمال هذا الديوان للمرة الثانية، وقرر ذلك فعلا بجلسة يوم 20 نوفمبر سنة 1920، فلم ير صاحب الترجمة تلقاء سعي حضرات أعضاء المجلس إلا أن يقبل هذا القرار رغبة منه في الخير لذاته، فاستأنف مجهوداته السابقة، وقرر المجلس في 11 أبريل سنة 1921 أن يكون له حق الحضور في كل جمعية عمومية.

ثم تجدد انتخابه عضوا بمجلس إدارة بنك مصر في الجمعية العمومية التي عقدت في 29 مارس سنة 1923.

Shafi da ba'a sani ba