مولده ونشأته
كان مولد حسين فخري بقصر والده المعروف باسمه إلى الآن بخط المغربلين من أحياء القاهرة في 25 سبتمبر سنة 1843، وما وصل العشرين من عمره حتى ظفر بأعلى الشهادات الدراسية من المدارس المصرية الأميرية، فصدر الأمر العالي، أي: الإرادة السنية، في 30 برمودة سنة 1579ق/7 مايو سنة 1863ميلادية بتعيينه معاونا بمحافظة القاهرة، وكان تاريخ الإرادة السنية 19 صفر سنة 1279، فبقي حسين فخري في هذه الوظيفة سنة واحدة ونصف سنة، ثم صدر الأمر في 3 هاتور سنة 1581 / 12 نوفمبر سنة 1864 بنقله معاونا بنظارة الخارجية، ولبث هناك مدة تناهز العامين إذ في ذاك العهد اشتركت الحكومة المصرية في معرض أوربي للمرة الأولى، فأرسلته في أول يناير سنة 1867 مندوبا عنها في الوفد المصري، الذي بعثت به ليمثلها في «الإكسبوزسيون»، كما كانوا يقولون؛ لأن لفظة معرض لم توضع للدلالة على ذلك المسمى الحديث إلا بعد أن انتعشت اللغة العربية في أخريات أبي الفداء إسماعيل.
ساكن الجنان المغفور له حسين فخري باشا وزير مصر الشهير.
ولما كان حسين فخري أفندي يميل بطبيعته إلى التبسط في العلم، ورأى في عاصمة الفرنسيين مناهل عذبة للطالبين وموارد سائغة للشاربين، فقد سعى وسعى والده حتى أبقته الحكومة المصرية في فرنسا، بعد انتهاء الوفادة فاندمج في سلك الإرسالية المصرية، وأقبل على تلقي الدروس في علوم الإدارة والقانون إلى سنة 1870م، حين ارتفع زئير المدافع فأخرس الأساتذة وكشرت الحرب عن أنيابها، فانزوت التلامذة ونادى المنادى متمثلا بقول الشاعر العربي:
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
ولما كان صاحب الترجمة من الألي يميلون بفطرتهم إلى السكينة والسلام، فقد أودع دفاتره أدراجه وودع أترابه وعاد أدراجه ولم يعاود فرنسا وديارها إلا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وتقرر الصلح واستقر السلام وعاد الرجحان، وما زال عاكفا على البحث والدرس في مدينة أليس من أعمال الإقليم المعروف عند جغرافي العرب باسم «برونيصه» تعريبا للفظه الإفرنكي
Trouence
إلى أن فاز بإحراز الإجازة، التي كان يفتخر بتوقيع جول سيمون عليها، وهو ذياكم الوزير الخطير والكاتب القدير والفيلسوف الشهير.
وما هو إلا أن تقدم حسين فخري أفندي في 22 نوفمبر سنة 1874، بين يدي الخديوي إسماعيل يحمل بيمناه تلك الشهادة وبين جنبيه تلك المعارف، حتى بهر ولي الأمر فأنعم عليه بالرتبة الثالثة اعترافا بفضله ورفعا لقدره؛ لأنه تخطى به رتبتين مرة واحدة وهما الخامسة والرابعة.
Shafi da ba'a sani ba