ومن (المشامة) قول مسروق التابعي رضي الله عنه: ((شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فوجدت علمهم ينتهي إلى سته... , ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى على , وعبد الله بن مسعود)) كما في ((إعلام الموقعين)) لابن القيم 1: 16 ولفظ الرواية الأولى: (يشام الناس) في هذا المقام أبلغ وأعلى وأوسع دلالة من لفظ (بشافه الناس) , وكل منهما صحيح من حيث المعنى , ولعل الأثبت رواية عن الإمام أحمد لفظ (يشام الناس) . والله أعلم@ وقيل لأحمد بن حنبل: أيرحل الرجل في طلب العلم فقال: بلى والله شديدا , لقد كان علقمة بن قيس النخعي , والأسود بن يزيد النخعي. وهما من أهل الكوفة بالعراق . يبلغهما الحديث عن عمر. فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه إلى المدينة المنورة , فيسمعانه منه)) .
7 قال القاضى ابن خلدون أستاذ علم الاجتماع في ((مقدمته)) ص 279 ((إن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة: مزيد كمال في التعليم. والسبب في ذلك أن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما يتحلون به من المذاهب والفضائل , تارة: علما وتعليما ولقاء , وتارة: محاكاة وتلقينا بالمباشرة.
إلا أن حصول الملكات عن المباشرة والتلقين , أشد استحكاما وأقوى رسوخا , فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها وتفتحها .
والاصطلاحات أيضا في تعليم العلوم مخلطة على المتعلم , حتى لقد يظن كثير منهم أنها جزء من العلم , ولا يدفع عنه ذلك إلا مباشرته لاختلاف الطرق فيها من المعليمين.
فلقاء أهل العلوم , وتعدد المشايخ: يفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها. فيجرد العلم عنها , ويعلم أنها أنحاء تعليم وطرق توصيل , وتنهض قوه إلى الرسوخ والاستحكام في الملكات , ويصحح معارفه ويميزها سواها , مع تقويه ملكته بالمباشرة والتلقين , وكثرتهما من المشيخة عند تعددهم وتنوعهم , وهذا لمن يسر الله عليه طرق العلم والهداية.
فالرحلة لابد منها فى طلب العلم , لاكتساب الفوائد والكمال , بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال , (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) .
انتهى.
Shafi 21