Sa'ad Zaghloul Shugaban Juyin Juya Hali
سعد زغلول زعيم الثورة
Nau'ikan
ولسنا نعرف مبلغ ما كان يرجوه سعد للقضية المصرية من وراء هذه المفاوضة، ولكنه لم يكن مستطيعا أن يرفضها دون أن يعرض الوفد للانشقاق والتنازع، ويهيئ للمغرضين أسباب اتهامه بتضييع الفرص وسوء السياسة، والخوف من مواجهة الحقيقة التي اضطلع بها دون أن يعتمد على وسيلة أخرى مضمونة الفلاح والجدوى. وهو لو رفض المفاوضة مكتفيا بنشر الدعوة بين الشعوب الأوروبية لم يعد هنالك من يلقي عليه اللوم ويبرئ بريطانيا العظمى من التهمة؛ لأنها مهدت له سبيل التفاهم والمناقشة الحرة، فأعرض هو عنها وأشفق على نفسه وعلى أمته من مناقشتها ومساجلتها! وفي وسعه أن يعود إلى نشر الدعوة متى احتاج إليها يوم ينجلي سوء النية من جانب السياسة البريطانية، وينجلي عذر المصريين في رفض مفاوضتها بعد الاستجابة إليها، ولكن ليس في وسعه أن يقنع الناس جميعا بإخفاق المفاوضة قبل الدخول فيها، ولا أن يمنع الفتنة أن تدب دبيبها بين أعضاء الوفد، ومنهم من ود لو رجع سعد إلى القاهرة وقبل نصيحة «الوزراء الأصدقاء»، حين زينوا له مفاوضة اللجنة الملنرية قبل رجوعها إلى بلادها، فإذا رفض مفاوضتها في هذه المرة وأغلق باب المفاوضة إغلاقا لا رجعة فيه، فماذا ينتظرون؟! وعلام يصبرون؟!
ومن العجز أن يتهم الإنسان نفسه ويتهم قومه بالخوف من المناقشة لإظهار حقهم وإثبات مطالبهم، فإذا كان مقدرا للوفد أن يختلف، لا مناص، فخير للأمة المصرية ألا يختلف قبلها؛ لأن الخلاف يومئذ يكون على أمور مذكورة مسطورة تظهر من ورائها النيات والدعاوى، ويسهل الدفاع عنها وبيان وجه القوة والضعف في جانبيها، ولكن الخلاف قبل المفاوضة إنما تقوم به حجة من يقبلونها وتسقط به حجة من يرفضونها، ويتاح لمن يشاء أن يتهم الرافضين بالعبث والتعنت وإهمال الوسائل المعروضة، لأسباب مبهمة أو لغير سبب على الإطلاق.
وقد وازن سعد بين جميع الدواعي والموانع، فاستقر رأيه على إجابة الدعوة، واعتزم السفر، ووصل إلى لندن في مساء الخامس من شهر يونيو ومعه زملاؤه.
فاستقبلهم المصريون هناك أحسن استقبال، وتمت المقابلة الأولى بينهم وبين لجنة ملنر في اليوم السابع، فقام بالتعريف بين الفريقين عدلي باشا الذي كان قد سبق أعضاء الوفد إلى العاصمة الإنجليزية. وبدأت المفاوضة في اليوم التاسع، فبسط اللورد ملنر غرض الحكومة البريطانية منها، وهو عقد اتفاق ودي بين الأمتين الإنجليزية والمصرية تعترف فيه باستقلال مصر، وتطمئن به إلى الضمانات الضرورية لمصالحها ومصالح الأجانب واستقرار النظام والسكينة، ومن هذه الضمانات إقامة حامية عسكرية في أماكن يقررها الخبراء، وإبداء الرأي في التشريع الذي يمس الأجانب إلى أن ينزلوا لبريطانيا العظمى عن امتيازاتهم التي تعود باستقلال البلاد، وتوطيد حكومة ملكية دستورية ينص عليها في المعاهدة.
ثم دارت المناقشة بجلسة أخرى في مسألة المستشارين الإنجليز وغيرها من المسائل التي تلحق بها، وكان وكلاء الوفد في جلسات المناقشة: رئيسه، ومحمد محمود باشا، وأحمد لطفي السيد بك، ووكيلا اللجنة الملنرية: رئيسها، وسمرت رنل رود. ويحضر عدلي باشا الاجتماعات برضى من الطرفين.
ولا نطيل في سرد التفصيلات؛ فالخلاصة أن البحث انتهى منتصف شهر يوليو إلى تدوين كلا الطرفين مذكراته بما فهمه كلاهما من نتائج المناقشات السابقة؛ فاشتملت مذكرة اللجنة الملنرية على ما يأتي:
أن تستبدل بالحالة الحاضرة معاهدة تحالف دائم بين بريطانيا العظمى ومصر يشترط فيها:
أولا:
تتعهد بريطانيا العظمى بضمان سلامة مصر واستقلالها باعتبارها دولة ملكية ذات أنظمة دستورية.
ثانيا:
Shafi da ba'a sani ba