Sa'ad Zaghloul Shugaban Juyin Juya Hali
سعد زغلول زعيم الثورة
Nau'ikan
وعبث أن يطمع في قيام وزارة عدلية تناصب الوفد العداء ولا تعتمد من أعضائه على أحد.
فمفاوضة الوفد هي الطريق الوحيد الذي لا طريق غيره، وعلى هذه العزيمة عاد ملنر من القاهرة بغير جدال؛ فلا اعتداد بما قيل يؤمئذ عن وساطة الوسطاء وكياسة الأكياس الذين جذبوا اللورد ملنر إلى مفاوضة الوفد على غير قصد منه ولا ارتياح، ولا يزالون ينقذون سعدا من الورطات كلما احتاج الأمر إلى وساطة أو كياسة!
غير أن اللورد ملنر يعلم أن سعدا يرفض المفاوضة مع لجنة يقال إنها لجنة تحقيق تبحث عن شكايات المصريين وتنظر في تنظيم الحماية، ولكنه يفاوضها على اعتباره وكيلا عن الأمة، يطلب لها الاستقلال التام ويسعى في إلغاء الحماية. فلا بد من تمهيد يصحح الأمور، وينفي عن المفاوضة صبغة الاعتراف بالحماية والخروج عند حدود التوكيل؛ ولهذا أوعزت الحكومة البريطانية إلى أحد النواب أن يلقي سؤالا في نحو منتصف شهر مايو يقول فيه: «هل صحيح أن لجنة اللورد ملنر قد ذهبت إلى مصر لتثبيت الحماية البريطانية عليها، ومن أجل ذلك كان معقولا أن يجفل المصريون منها؟» فأجابه مستر بونارلو قائلا: «كلا! لم يكن هناك شيء من ذلك، ولكن اللجنة قصدت إلى مصر؛ لتشير بأحسن النظم الصالحة لحكم البلاد.»
وفي تلك الجلسة بعينها ألقى مستر كنورثي سؤالا في هذا الموضوع فقال مستر بونارلو جوابا عليه:
لو كان الممثلون المصريون على استعداد للمناقشة في الضمانات المعقولة الكافية لصيانة المصالح البريطانية فيما يتعلق بقناة السويس والمصالح التجارية والمالية مقابلة لوعد بريطانيا العظمى باحترام استقلال مصر، لكانوا اغتنموا فرصة بلاغ اللورد ملنر الذي نص على إطلاق حدود المناقشة.
وقد سأل المستر كنورثي بعد ذلك: «هل من الممكن مع هذا أن يفتح باب المناقشة من جديد حتى يتيسر الوقوف على رأي هؤلاء السادة المصريين في الاتفاق الذي سيعقد بين البلدين؟»
فقال مستر بونارلو: «إنني على يقين من أن كل مناقشة يكون وراءها نتيجة مرضية تقبل بلا إبطاء، ولكن يجب أن تقدر الحكومة فائدة هذه المناقشة والنتائج التي تنتظر من ورائها.»
وقابل سعد هذه التصريحات بما يناسبها، فقال لمراسل صحيفة الجورنال حين سأله في هذا الصدد: «لا أنكر قيمة هذه التصريحات، ولا أنكر أن فيها ما يقرب المسافة بين وجهة النظر الإنجليزية ووجهة النظر المصرية، على شريطة أن يصاحبها ما يجعلنا نترقب لها نتائج فعلية، ومن الصعب مع هذا أن يعرف الآن ما تراه مصر في هذه التصريحات؛ إذ يجب ألا يغرب عن الذهن أن إنجلترا عدلت أخيرا - بمحض إرادتها وبغير استشارتنا - نظام وراثة العرش بمصر، وليس هذا بخير السبل للتقريب بين البلدين بأواصر الثقة والمودة، وإنما تكسب مودة المصريين وثقتهم بالاعتراف باستقلالهم والكف عن التعرض لخاصة شئونهم.»
ثم قال سعد: «إنه لا يوافق مستر بونارلو على قوله: إن المصريين ضيعوا فرصة المناقشة مع لورد ملنر.» وأضاف إلى ذلك أنهم لم يتلقوا دعوة من لورد ملنر للمفاوضة باعتبارهم ممثلين للأمة المصرية، ثم سأله المراسل: هل هو استعداد للمفاوضة على أساس إعطاء الضمانات المعقولة لمصالح إنجلترا في قناة السويس ومصالحها التجارية والمالية إذا هي وفت بعهودها؟ فقال: «إننا مستعدون لإعطاء كل الضمانات المعقولة للتوفيق بين مصالح إنجلترا واستقلال مصر، ولا نرفض الدخول في المفاوضات اللازمة باعتبارنا وكلاء الأمة المصرية إذا كان من وراء ذلك الوصول إلى هذه النتيجة.»
وعقب ذلك بأيام وصل إلى باريس مستر سسل هيرست - أحد زملاء ملنر - لدعوة الوفد إلى الاجتماع باللجنة في لندن للمناقشة في قواعد الاتفاق بين مصر وبريطانيا العظمى؛ ففضل الوفد - كما جاء في رسالة سعد إلى لجنة الوفد المركزية بالقاهرة - أن ينيب عنه محمد محمود باشا، وعبد العزيز فهمي بك، وعلي ماهر بك، في السفر إلى لندن لاستطلاع الحالة والتحقق من استعداد بريطانيا العظمى نحو استقلال مصر، قبل الانتقال بهيئته الكاملة إلى العاصمة الإنجليزية. وقد لقي هؤلاء الأعضاء اللورد ملنر فذكر لهم أن إنجلترا تعترف باستقلال مصر التام إذا هي ضمنت مصالحها الخاصة وانتهت من المفاوضة إلى هذه النتيجة، فكتبوا إلى سعد بما سمعوه، وشفعوا ذلك باستحسان حضور الوفد كله إلى لندن للبدء في المفاوضة، فلبى الدعوة وأبرق إلى لجنة الوفد المركزية بالقاهرة يعلن للأمة اعتزام السفر في الخامس من شهر يونيو عسى أن يصلوا بالمفاوضات إلى حل مرض «مستمدين القوة من اتحاد الأمة وحكمة أبنائها، والحجة من وضوح الحق والمعونة من الله ناصر الضعفاء».
Shafi da ba'a sani ba