احتج الشافعي بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (١)، وكرامته أن يكون طاهرًا من أصل طاهر.
مسألة: ٣١ - المسح على الخفين من غير إتمام الطهارة
إذا غسل إحدى رجليه ولبس الخف ثم لبس الأخرى (٢)، فإن عندنا: يجوز المسح (٣)، وعند الشافعي: ما لم ينزع الأول ثم يلبس قبل الحدث لا يجوز (٤).
دليلنا في المسألة: أن استدامة اللبس كالابتداء، ألا ترى: أن من حلف أن لا يلبس خفًا وهو لابسه، حنث في يمينه إذا لم ينزع (٥) ولو نزع خفه الملبوس الأول قبل الحدث ثم لبسه جاز له المسح عليه.
احتج الشافعي: فإن كان حصل لبس الأول حال قيام الحدث فلم يجز المسح عليه. كما إذا لبس قبل أن يغسل، فإنه لا يجوز المسح عليه (٦).
(١) سوره الإسراء: آية ٧٠.
وانظر أدلتهم بالتفصيل: المجموع ٢/ ٥٦٠ - ٥٦٢. واستدلوا على اتفاقهم: بأن الفرك بعد الجفاف مطهر: بما أخرجه مسلم من حديث عائشة ﵂، أنها قالت: "كنت أفرك المني من ثوب رسول الله ﷺ فركًا، فيصلي فيه". مسلم، في الطهارة، باب حكم المني (٢٨٨)، ١/ ٢٣٨.
(٢) صورة المسألة كما ذكرها السرخسي: "لو توضأ وغسل إحدى رجليه ولبس الخف ثم غسل الرجل الأخرى ولبس الخف ثم أحدث". المبسوط ١/ ٩٩، ١٠٠؛ انظر: الأم ١٠/ ٣٣.
(٣) انظر: المبسوط ١/ ٩٩، ١٠٠؛ الهداية ١/ ٢٨.
(٤) انظر: الأم ١/ ٣٣؛ المهذب ١/ ٢٨؛ الوجيز ١/ ٢٣.
(٥) انظر: القدوري، ص ١٠١؛ الهداية ٢/ ٧٧؛ فتح القدير ٥/ ١٠٤، حاشية سعد جلبي على شرح فتح القدير ١/ ١٤٦.
(٦) واستدل الشافعية للمسألة بما رواه الشيخان من حديث المغيرة ﵁ قال: (صببت على رسول الله ﷺ في وضوئه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" =