إذا أخلد إليك يحدثك عرفت أنك في حضرة رجل من وجوه الثناء، لا يتزيد في كلامه ولا يغالي، وإذا حدثك عن ماضيه نفض جملة كنائنه فلم يبق سهما في كنانة .
علي وعلى أعدائي يا رب!
لا يتحيف من حق أحد؛ لأنه لا يريد أن يتحيف أحد من حقه، وإذا وقع على شيء جميل يقول: هذا جميل، ويجهر بقوله، فلا يتزحف إلى ستر الحقيقة بستار من الحسد شأن الكثيرين من الشعراء الذين لم ينض بيدهم إلا مجاجة من الشعر، فلا يستوون على حسنة من حسنات القريب إلا وترهف الغيرة أعصابهم فيلوون بها ألسنتهم.
خلص في شعره إلى بعض غايات الأدب، وهذا فتح من الله ونصر مبين!
خبط ورق الشعر الإفرنجي فركم منه كوما مهر بها ديوانه العربي، ولكنه أخرج بعضها في بز جميل أنساك فن النساج الأول، وهذا لعمري بعض الفتح والنصر.
إذا قرأت شعره استمرأت مرعاه الخصيب، إذ إنك لتقع فيه على سهولة في اللفظ ووضوح في التعبير وسمو في المعنى. فمثل شعره مثل غدير صاف لا تشقى العين في رؤية الحصيات الآمنة في قعره.
وقد يخيل إليك أن هذه الصنعة السائغة في جعل الكلام قريب التناول إنما هي من المسائل الهينات، ولكن ما أهون الحرب على النظارة!
وإذا جلست إليه جلست إلى قصيدة من قصائده، فحديثه يأخذ إخذ شعره في الطلاوة، إلا أن هذا يربي على ذاك بجمال الألوان.
يساور المعاني مهما تناءت، فيكبح جماحها، ويأتي منها بخلاق وافر، فلا تدمدم عليه كتائبها ولا تثني صدرها عليه؛ إذ تعرف أنها لن تكون داخرة في قصره السحري، ولن يلبسها في خدره غير ما تعودت أن تلبسه من تحف الخز والديباج.
وللنخيل منظر مهيب
Shafi da ba'a sani ba