قالت هرمين: وأنا أيضا نظرته قبل ذلك، وقد عرفته فهو السير فيليام الذي عرفنا به سفير إنكلترا في حفلة الرقص التي أحيتها الوزارة الخارجية، وأذكر أني رقصت معه أيضا.
فقال بيرابو: إذن ما الذي دعاه إلى هذا السلوك الغريب، ولماذا غادرنا بهذه السرعة؟
فقالت هرمين، وقد أثر عليها ما رأت عليه من الكآبة: إنه عندما نظر إلينا تنهد تنهدا طويلا عميقا، ثم صاح صيحة أسف، وقد كان قبل جالسا على هذا الصخر، ساهي الطرف مشتت البال لا يعبأ بجمال هذه البراري، ولا يكترث بتلك الأمواج التي قد ذهبتها أشعة الشمس، مما يدل على أنه بلغ أقصى درجات الكآبة.
فقال بيرابو: ذاك يدل على أنه عاشق منكود.
فتنهدت هرمين وقالت: مسكين هذا الشاب.
وحول بيرابو الحديث إلى غيره، وقال: إن الجواد قد قتل، فكيف نرجع إلى المنزل. - إننا نذهب على الأقدام، فإني أعرف طريقا قريبة.
ثم تأبطت ذراع أمها، ومشت معها مشيا سريعا كأنها تريد أن تدرك الشاب الذي حمل فؤادها على الشفقة عليه، ولا سيما بعدما رأته نظر إليها فاصفر وجهه وتنهد، وكانت تبحر بنظرها في جميع الجهات آملة أن ترى ذاك المنكود الذي ماثلها في اليأس، ورأت أنه يكابد من الأشجان نفس ما تكابد.
أما أندريا، فإنه ما زال يسير إلى أن وصل إلى منزل كرمارك، وقد كان قد جن الظلام فأوقف جواده أمام الباب وقال لأحد الخدم: قل لسيد هذا المنزل إن غريبا تائها يسأله الضيافة.
فهرول الخادم مسرعا إلى مدام كرمارك، ووصف لها هيئة أندريا وملابسه، ثم قال لها: إنه تائه يسأل الضيافة. - أسرع بإدخاله، فإن هذا المنزل معد للضيوف منذ تشيد.
فذهب وعاد به، وانحنى أمامها مسلما، وقال: أسألك يا سيدتي الصفح والمعذرة، فإني تهت في هذه البرية، وقد أظلم الليل فلم أعلم أين أنا.
Shafi da ba'a sani ba